AMJA’s 19th Annual Imams Conference – 2023 : Rulings on Contemporary Medical Issues in Islamic Law
توصيات مؤتمر الأئمة التاسع عشر
أحكام النوازل الطبية الحديثة في الشريعة الإسلامية
ضوابط الفتيا في فقه النوازل
فقه النوازل فقه جليل القدر، والحاجة إليه في واقعنا المعاصر حاجة ماسة، نظرا لتجدد الوقائع والأقضيات. والمفتون موقعون عن الله عز وجل، ومقام الإفتاء من أرفع المقامات وأكثرها خطرًا، ولا بد له كغيره من أعمال المكلفين من تحقق ركني الإخلاص والمتابعة.
للنظر في القضايا المعاصرة والاجتهاد فيها ضوابط شرعية، يجب على المجتهد أن يراعيها عند النظر في النازلة، مع ضرورة الالتزام بالمنهج الوسطي، والبعد عن شواذ الأقوال وغرائب المسائل. ومن هذه الضوابط:
- أولا: الفهم الدقيق للنازلة، وفقه ما احتف بها من وقائع الأحوال
- ثانيا: كون النازلة من المسائل التي يسوغ النظر فيها
- ثالثا: بذل الوسع واستفراغ الجهد في البحث
- رابعا: البعد عن الفرضيات التي لم تقع أو يندر وقوعها
- خامسا: التثبت واستشارة أهل الاختصاص
- سادسا: مراعاة مقاصد الشريعة
- سابعا: مراعاة العوائد والأعراف
- ثامنا: الوضوح والبيان في الإفتاء
- تاسعا: قول (لا أدري) عند عدم العلم
- عاشرا: الالتجاء إلى الله عز وجل وسؤاله الإعانة والتوفيق
المحور الأول: فقه التداوي والممارسة الطبية
- التداوي بالمحرمات: الخمر والمخدرات والأدوية المسببة للتغيرات النفسية والمزاجية
- الأصل اجتناب المحرمات في التداوي وغيره، ومنها المخدرات، ولكن يرخص في ذلك عند تحقق الضرورة العلاجية، وانعدام البدائل، مع مراعاة تقليل الآثار الجانبية على العقل والبدن قدر الإمكان، وكون ذلك تحت الإشراف الكامل للطبيب الثقة.
- لا يجوز التداوي بالخمر الصرفة، ولا يتصور كونها ضرورة في واقعنا المعاصر.
- المخدرات مع تحريمها إجماعًا لتغييب العقل والإفتار والضرر، يجوز التداوي بصرفها، لكونها لا تثبت لها جميع أحكام الخمر، لخلوها مما تفضي إليه الخمر من الإثارة والعربدة، وإن كان الواجب خلطها مع غيرها من المسكنات عند إمكان ذلك ومناسبته، تقليلًا لما يتعاطى منها، إذ الضرورة تقدر بقدرها.
- ينبغي اجتناب الكحول ما أمكن في صناعة الأدوية ووصفها للمرضى، لكن يرخص في استعمال ما اشتمل عليه من الأدوية بنسب قليلة مستهلكة لا تؤثر على لونه أو طعمه أو ريحه، ولا تسبب إسكارًا لمتناوله، مع التأكيد على أهمية تجنب ذلك قدر المستطاع.
- يرخص في استخدام المواد المهدئة (المرقِّدة) والسامة (المُتلِفة) للأعصاب طبيًا، وذلك عند رجحان المصلحة، وانعدام البدائل، ومراعاة تقليل الآثار الجانبية على العقل والبدن قدر الإمكان، وكون ذلك تحت الإشراف الكامل للطبيب الثقة.
- يرخص في استخدام مخدرات الهلوسة، إن ثبت نفعها من بعض الأمراض، كباقي المخدرات، وبالشروط نفسها.
- يتطلب الاستخدام الطبي لأي مادة محظورة تحقق الضرورة إلى ذلك بيقين أو بغلبة ظن، وانعدام البدائل المباحة، وإشراف طبي متخصص، ورجحان الفائدة على الضرر، ومراعاة تقليل الآثار الجانبية على العقل والبدن قدر الإمكان، وفي حق المجتمع الطبي: استمرار البحث عن بدائل مباحة.
- أحكام الغيبوبة المستحثة:
- الغيبوبة المستحثة هي نوع من التخدير العقاري طويل الأمد غالبًا، تستخدم لحماية الدماغ في حالات معينة، وتجوز للضرورة الطبية، ومن دامت غيبوبته لأكثر من يوم وليلة فلا قضاء لما فاته من الصلوات.
- وصف الطبيب المسلم الأدوية المحرمة لغير المسلمين
- كل ما وقع فيه خلاف معتبر بين أهل الإسلام، فلا يلزم حمل المرضى غير المسلمين على ما ترجح عندنا، ومن طرق العلاج التي وقع فيها الخلاف، ويحل وصفها لغير المسلمين: الأدوية النجسة (سوى الخمر الصرفة، لضعف الخلاف فيها)، والمخدرات والماريوانا (في إطار المعايير القانونية والمهنية)، والمعازف، وعمليات التجميل المختلف فيها، والإجهاض قبل نفخ الروح، ونحوه.
- وكذلك كل ما لم يكن محرمًا بإطلاق في كل الأحوال: كربط قناة فالوب، والجراحات الوقائية، والتلقيح الصناعي لبييضة بنطفة من غير صاحب فراش لعدم إمكان الاستفصال من أحوالهم والتثبت من شرعية العلاقة وفق تراتيبهم ونظمهم، لا سيما وأن من المسلمين أنفسهم من لا يسجل زواجه.
- ويحرم: الكذب على المريض وتضليله، كتشجيعه على تحويل جنسه مع عدم وجود خلل عضوي، أو الاستمرار في علاقة محرمة. ويحرم تغيير خلق الله، وقطع عضو صحيح من غير سبب، ويدخل في ذلك عمليات تحويل الجنس للأصحاء بدنيًا. ويحرم وصف الخمر الصرفة، وهي ليست دواء في الشرع أو الطب. وتحرم المساعدة فيما يدعى “القتل الرحيم”.
المحور الثاني: أحكام التخصصات الجراحية
- أحكام جراحات التجميل التحسينية والاضطرار لإجرائها
- الأصل في هذا الباب أنّ كل خلق الله حسن، وأن بني آدم – على اختلاف أشكالهم وألوانهم – قد خلقوا في أحسن تقويم، والرضا بالخلقة من الرضا بالخالق.
- تجوز الجراحات التجميلية الحاجية، لاستعادة وظيفة العضو، أو رد هيئته إلى أصل الخلقة السوية، ومن ذلك الجراحات التي تصلح العيوب الأصلية: كالإصبع الزائدة وانشقاق الشفة، أو الحادثة: كالحروق، والزيادة المفرطة في حجم بعض الأعضاء كالثديين، وسقوط الشعر وظهوره في غير محله.
- تجوز إزالة الدمامة بالجراحة، إن كانت تسبب أذى نفسيًّا أو عضويًّا، وكانت حقيقية غير متوهمة، والعبرة في ذلك بتقدير الأسوياء.
- لا تجوز الجراحات التجميلية التحسينية، التي تكون لطلب زيادة الحسن، أو تغيير الخلقة السوية، أو التشبه بالفساق، أو تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال.
- لا يجوز الوشم الدائم نصًا، إلا في إصلاح عيب كما في بعض العمليات الجراحية، التي تقتضي ذلك سترا لعيب، أو إخفاء لتشوه ونحوه، ويكره غير الدائم منه، لتردده بين الوشم الدائم المحرم والحناء المأذون بها. وتشتد الكراهة وقد تصل إلى الحرمة فيما هو من شعارهم، ولمن فعل ذلك تشبها بهم.
- تكره إزالة التجاعيد الناشئة عن تقدم السن، لا عن مرض، لما فيه من شبهة التدليس وتغيير خلق الله.
- يشترط في جواز الجراحات التجميلية ألا يترتب على إجراء العملية ضرر مماثل للضرر الأصلي – بدنيًا كان أو نفسيًا – أو أكثر منه.
- أحكام إزالة الشعر بالليزر
- يرخص في إزالة الشعر عن طريق الليزر، فإن كان في محل عورة مغلظة، تأكد طلب طبيب من نفس جنس المريض.
- لا حرج – إن شاء الله – في استعانة المرأة بالطبيبة في إزالته، وقد ذهب فقهاء الحنابلة إلى أن من لا يحسن إزالة شعر عورته بنفسه، جاز له أن يستعين بغيره في إزالتها.
المحور الثالث: الخصوبة والوراثة
- التعديل الوراثي والعلاج بالجينات وأثره على الحمل والإسقاط
- يجوز العلاج الجيني، بنقل الجينات، أو أجزاءٍ منها، أو إصلاحها أو إسكاتها، شريطة ألا يؤدي إلى اختلاط الأنساب، وأن يقصد به العلاج لا تغيير الخلقة، مع حماية خصوصية الأفراد الخاضعين لهذا العلاج، وحماية سائر حقوقهم وعدم التمييز ضدهم.
- يمكن إلحاق بعض الأمراض الجينيّة بما ذكره الفقهاء من عيوبٍ تجيز التفريق بين الزوجين، وذلك بعد تحقق شروط اشتراك تلك الأمراض مع مثيلاتها الفقهية في علته، وانتفاء الموانع، وذلك في حال عدم العلم بها وقت العقد، وعدم صدور ما يدلّ على الرضى بها بعده، وعدم وجود علاج مخفّف لتلك الأمراض، وكذلك عند ترجيح احتمال نقل الخطير منها إلى الذرّيّة.
- الإرشاد الجيني للأسر أو المقبلين على الزواج يتفق مع مبادئ الشريعة التي تحض على العلاج والوقاية من المرض، وينبغي تشجيعه من غير إلزام، سيما للأسر التي يعاني أفرادها من الأمراض الوراثية، وذلك مع مراعاة حماية خصوصية الأفراد الخاضعين لتلك الفحوصات وحقوقهم وعدم التمييز ضدهم.
- في علاج الأمراض الجينيّة، إذا تعذّر انتقاء النطفة أو البييضة من الزوجين التي لا تحمل الجين المريض، فإنّ استبدال أحدهما بما يسمى “خلية المتبرّع” من المحرمات القطعيّة لما فيه من اختلاط الأنساب.
- حثّ دوائر صنع القرار في البلاد على سنّ القوانين التي تساعد المصابين بالأمراض الجينيّة وذوي الاحتياجات الخاصّة وتقديم العون لهم في مختلف المجالات بما في ذلك السعي لدمجهم في المجتمع وتهيئة الظروف الملائمة لذلك.
- اختيار جنس الجنين
- نؤكد على ما جاء في قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته التاسعة عشر المنعقدة بمكة المكرمة من أنه “لا يجوز أي تدخل طبي لاختيار جنس الجنين، إلا في حال الضرورة العلاجية في الأمراض الوراثية، التي تصيب الذكور دون الإناث، أو بالعكس، فيجوز حينئذٍ التدخل، بالضوابط الشرعية المقررة.”
- يستثنى من ذلك جواز اختيار أي من الجنسين إن تم التخصيب خارج الرحم بسبب حالة مرضية استدعت ذلك، وتعددت البييضات الملقحة، ولزم اختيار بعضها ليغرس بالرحم.
- الإجهاض
- الأصل في الإجهاض الحظر إلّا في حالات الضرورة، ويترخص فيه في الأربعين الأولى للحاجة البينة أو المصلحة الظاهرة، وفي حالة التشوهات والأمراض الشديدة يمتد الترخص إلى ما قبل زمن نفخ الروح في الجنين، وهو مائة وعشرون يوما. ومتى كان في استمرار الحمل خطر على حياة الأم، جاز عندها الإسقاط في أي وقت، إذ حياة الأم هي الأصل وهي حياة مستقرة.
المحور الرابع: مسائل متعلقة بالجنس (الجندر) والتحول الجنسي وجراحات تغيير الجنس
- تصحيح الجنس بالنسبة للخنثى والمصاب باضطراب بين مستويات الجنس الجينية والغددية ومستويات الأعضاء الداخلية والخارجية جائز باعتباره نوعا من التداوي المشروع، سواء أكان ذلك بالعلاجات الجراحية أم بغيرها، ويجب في حق من تعمد تغيير جنسه متى كان ذلك ممكنا بغير مفسدة راجحة، وتسري عليه أحكام الجنس الذي آل إليه.
- يحرم تغيير جنس الأسوياء، لأنه تغيير لخلق الله، وحيث كان تغيير الجنس حرامًا فهو باطل، ولا أثر له في أبواب الصلاة والإرث والزواج والحضانة والنفقة وأكثر الأحكام، ويحصل الذكر المتحول إلى أنثى على نصيب الإرث المخصص للذكور، ولا يُسمح له بالزواج من رجل، لكن قد يسوغ أن يتزوج من امرأة تحولت إلى رجل باعتبار جنسهما الأصلي.
- يعامل المتحول من جنس إلى آخر معاملة الخنثى وغير أولي الإربة في أبواب الاختلاط ورص الصفوف في الصلاة ونحوها.
- حيث كانت العمليات الجراحية والعلاجات المتعلقة بتحويل الجنس حرامًا، فلا يحل للطبيب المسلم القيام بها أو وصفها وفعل ذلك بالأطفال أعظم جرمًا.
- يجوز للطبيب المسلم تقديم الرعاية الطبية للمتحول جنسيًا فيما سوى العلاجات التحويلية، فيجوز مثلًا علاج الذكر الاصطناعي للمتحولة، والمهبل الاصطناعي للمتحول.
المحور الخامس: المرض النفسي والمسؤولية الشرعية
- الطب النفسي نوع من أنواع الطبابة، تسري عليه القواعد العامة في باب التداوي والعلاج، سواء ما تعلق منها بالتزامات الطبيب، أو ما تعلق بالضوابط المهنية لممارسة مهنة الطبابة.
- يرتبط مفهوم الصحة النفسية إسلاميًا، بمفهوم الصحة الروحية وتطهير النفس، فهما يتداخلان ولا يتطابقان، فقد يصاب الأتقياء ببعض الأمراض النفسية كالاكتئاب ونحوه كنوع من الابتلاء والتمحيص، وقد يصاب به آخرون نتيجة لضعف الإيمان، فتكون أقرب إلى الأمراض الروحية منها إلى الأمراض النفسية، فتمس حاجة أصحابها إلى التزكية وتقوية الإيمان، وأحيانًا يتداخل الأمران الروحي مع النفسي، فيحتاج إلى التعاطي معهما جميعًا.
- هناك فرق بين الأمراض العضوية والنفسية، وهناك جدل علمي حول حقيقة الأمراض النفسية، وبعض ما يعد مرضا نفسيًا من الناحية الطبية المتعارف عليها بين أكثر الأطباء قد لا يعد مرضا من الناحية الشرعية.
- مبنى التكليف على سلامة العقل، والقدرات العقلية تعتريها الطوارئ، فتختلف أهلية التكليف بحسبها، والمرض النفسي الذي يؤثر على الأهلية هو الذي يسبب اختلالًا في سلامة الإدراك والحكم على الأشياء، وليس ذلك خاصا بالجنون وحده.
- الجنون من العوارض التي تعرض لأهلية الأداء فتزيلها وتنعدم معه الأهلية بالكلية، ولا يترتب على تصرفات المجنون أي أثر شرعي، سوى ضمان قيم المتلفات.
- تنقسم الأمراض العقلية بالمفهوم الطبي بحسب تأثيرها على الأهلية إلى ما يأتي:
- الأمراض العقلية المانعة للأهلية بالكلية، وهي التي تؤثر بشكل كامل على القدرات العقلية، وتجعل الشخص غير قادر على الفهم والتمييز والحكم السديد. وتشمل هذه فيما تشمل مراحل متقدمة من الخرف، والهوس الشديد، والتخلف العقلي، أو الفصام الحاد. وهذه الأمراض تجري مجرى الجنون، وتسري على أصحابها أحكامه، فإذا كان هذا يعتريهم في نوبات مؤقتة سرت عليهم أحكام الجنون أثناءها، وعدوا في سواها من العقلاء.
- الأمراض النفسية التي تقلل جزئيًا من الأهلية، كالعته والاكتئاب الشديد والخوف الشديد (الرُّهاب) والوسواس القهري (OCD). ومن هؤلاء من يدركون أن وساوسهم غير عقلانية لكنهم لا يستطيعون مقاومتها، فتنقص أهليتهم أثناء سيطرة هذه الوساوس عليهم، فيسري عليهم حكم المكره، مع جميع الآثار الفقهية ذات الصلة، وفيما وراء ذلك هم من الأصحاء.
- الأمراض النفسية التي لا تؤثر على الأهلية كأمراض اضطراب الشخصية والاضطرابات الجنسية والاكتئاب والقلق الطفيفان.
- الأصل السلامة من موانع الأهلية وترتب آثار تصرفات الناس عليها، لكيلا يختل نظام المجتمع، ولكن قد تُدرأ الحدود عند الشك في تمام الأهلية، وربما بقيت العقوبة التعزيرية. ويبقى دومًا ضمان المتلفات.
- حقوق الله مبناها على المسامحة، والمرض مظنة التخفيف، فينبغي للمفتين الترفق بأصحاب الأمراض النفسية وعدم تكليفهم بما لا يلزمهم والتيسير عليهم والترخص لهم.
المحور السادس: مسائل نهاية الحياة
- استخدام مستشفى الحالات النهائية لتخفيف آلام مرض الموت (من قبل الأطباء والمرضى المسلمين)
- الرعاية التلطيفية جائزة في الإسلام، بل مستحبة، لأنها تتفق مع مبادئه في الرحمة والشفقة وتخفيف الآلام. والهدف منها هو توفير الراحة والدعم خلال المرض المتقدم، وليس تعجيل الموت.
- يجوز للمرضى المسلمين تناول الأدوية التي يصفها طاقم الرعاية التلطيفية لتخفيف الآلام وغيرها من الأعراض، حتى لو كانت تحتوي على بعض المواد المخدرة والمهدئة، وذلك بقدر الضرورة العلاجية.
- يجب توفير العلاج الروحي للمرضى المسلمين، مثل تشجيع الصلاة والذكر وتلاوة القرآن وسماعه والتوجه نحو القبلة، ويجب أن يسعى المسلمون إلى توفير المعارف اللازمة لذلك لطواقم الرعاية التلطيفية المعنيين برعاية المرضى المسلمين، كما ينبغي تعزيز التواصل بين دور الرعاية التلطيفية والمراكز الإسلامية.
- الانتحار والقتل الرحيم محظوران في الإسلام، فلا يحل قيام المرضى بأي فعل بهدف إنهاء الحياة، ولا يحل للأطباء أن يساعدوا في مثل هذه الأفعال.
- سحب أجهزة الإنعاش والتغذية عن المرضى الذين يعانون من أمراض مستعصيةٍ ميؤوسٍ من شفائها
- الأصل في التداوي الاستحباب أو الإباحة عند جمهور علماء المسلمين من فقهاء المذاهب الأربعة وغيرها، وقال البعض بالوجوب، وصرفه المعاصرون إلى الحالات التي يكون فيها المرض مضرًا والدواء مأمونًا والشفاء مرجوًا، وهو وجيه.
- يجوز، بموافقة المريض أو أوليائه، سحب العلاج الذي يحافظ على الحياة إذا رأى الأطباء عدم جدوى الإجراءات العلاجية في حصول الشفاء أو الحفاظ على حياة كريمة، وأنها لا تفيد إلا في إطالة معاناة المرضى وذويهم.
- يجوز للمريض أو أوليائه اختيار عدم إنعاش القلب والرئتين (DNR) في أحوال أمراض الموت الميؤوس من شفائها. وله أن يختار الإذن بذلك، وأن يفوض الطبيب باختيار الأصلح لحاله في ضوء ترجيح المصالح والمفاسد بناء على الحالة الصحية للمريض.
- التغذية والإماهة الاصطناعية (الترطيب بالسوائل) هي من وسائل المعالجة، والحكم عليها لا ينبغي أن يكون بمعزل عن حالة المريض العامة، وتسري عليها الأحكام الشرعية للمعالجة؛ ومنها جواز الامتناع عنها عند عدم جدواها.
- إذا وصلت حالة المريض إلى مرحلة اليأس من استعادة الحياة وفق المعايير الطبية فلا حرج في رفع أجهزة دعم الحياة، ولا حرج في إبقائها، ومرد الأمر في ذلك إلى ورثته، بالتشاور مع فريقه الطبي، إذا لم يكن المريض قد أوصى في ذلك بشيء، ويعملون في ذلك بما هو أرفق بالمريض. وقد يكره إبقاؤها إن كان مظنة لإيلام المريض أو إضاعة المال والموارد من غير طائل. وتزداد الكراهة، وقد تبلغ مبلغ الحرمة، إن كان هناك مريض آخر بحاجة إلى غرفة العناية المشددة أو الأجهزة الداعمة للحياة (كالمنفسة مثلًا) مع غلبة الظن بأن هذا المريض الآخر يرجى نفعه.
- يشترط استحسانًا، شهادة ثلاثة خبراء للحكم على حالة مرضية بأنها لا يرجى برؤها، وكذلك للحكم على كل ما من شأنه أن يفيد جواز إيقاف الإجراءات العلاجية المحافظة على الحياة.
- إن كان قد بُدئ ببعض المعالجات، كأجهزة الإنعاش ونحوها ثم تقرر عدم جدواها، ولم يكن هناك إذن مسبق من المريض بإيقافها، أو امتنع وكيله أو وليه عن إصدار الإذن، فلا بد عندها من اللجوء إلى آليات لفض النزاع كأن يصار إلى جهة ثالثة محايدة كاللجنة الأخلاقية في المشفى أو القضاء. وإن أصر أولياء المريض على الاستمرار في العلاج مع تحمل التبعات المالية، فللطبيب عندها مواصلة العلاج أو الامتناع عنه إن توفر طبيب آخر للقيام بذلك.
- وكالة الرعاية الصحية و التوجيهات المُسبّقة ووصية الحياة
- ممارسات الإذن المسبق advance directives ووصية الحياة living will والوكالة الطبية medical power of attorney، الشائعة في الغرب منسجمة مع الشرع، واستخدامها سائغ مشروع.
- للمريض الحق في توكيل من يقوم مقامه بمقتضيات الإذن الطبي. وفي حال عجزه، وفقدان الوكيل، تنتقل الولاية إلى أولياء الدم، وهم الورثة نساء ورجالا عند الجمهور، وإذا كانت القوانين تعطي الولاية لغير الأولياء الشرعيين، فيمكن للولي في قانون الولاية طلب التوكيل من الأولياء الشرعيين أو إنفاذ مشورتهم.
- إذا لم يعرف حال المريض وطبيعة مرضه فيتوجب الشروع في إنعاشه لدفع الخطر عنه، والاحتياط لحفظ الحياة. ويكون ذلك بحق المجتمع واجبًا كفائيا، ويتعين في حق الطبيب والطاقم الطبي، وتتعلق بهم المسؤولية الشرعية.
- التشريح الطبي
- يرخص في تشريح جثث الموتى لأغراض أمنية، أو بحثية، أو تعليمية.
- ويشترط للجواز: إذن الميت أو وليه، أو ولي الأمر (في حالة التحقيقات الجنائية والأمراض الوبائية) ووجود الحاجة، وانعدام البديل، وتوقير الجثة أثناء التشريح، ودفن بقاياها بعده.
المحور السابع: الطب البديل والمكمِّل
- العلاجات المكملة كاليوجا والطاقة والريكي ونحوها لها بعدان: روحي وعضوي، فإذا أمكن استخلاص الجانب العضوي وحده، وفصله عن خلفياته الوثنية، وثبت نفعه مستقلا في علاج بعض علل الجسد، فلا حرج في ذلك، فهذا أمر مشترك بين كثير من الممارسات الطبية التي تلقاها علماؤنا بالقبول، وذلك ما لم تبق في العلاج آثار هذه الوثنيات، ولا اعتقد المتداوي بها خلاف المعتقد الصحيح، إذ تكون كغيرها من العادات على أصل الحل، أما ما تتضمنه من تأملات واستغراقات روحية ذات أصول وثنية، فلا يحل من ذلك شيء، لدورانه بين الشرك والبدعة. وقد يكون في مجالس الذكر الشرعي والتمارين الرياضية العامة كفاية وغنية!
المحور الثامن: أحكام العبادات المتعلقة بالمرضى
- نوازل المرضى في باب الطهارة
- الأصل أنه يجب على المريض ما يجب على الصحيح من الطهارة والصلاة، إلا ما عجز عنه من ذلك فينتقل إلى بديله.
- الأصل وجوب الطهارة بالماء من الحدثين الأصغر والأكبر، فإن عجز انتقل إلى بديلها وهو التيمم، فإن عجز عن ذلك بنفسه وضأه أو يممه غيره وأجزأه ذلك.
- النساء شقائق الرجال، أي مثيلاتهم في الأحكام، فيشرع لهن من التطهر ما يشرع للرجال، في بابي الطهارة الأصلية والبديلة.
- يشرع التيمم على كل شيء طاهر له غبار، ولو كان على غير الأرض، كأن يتطاير الغبار مثلًا على جدار أو نحوه، كما يشرع على ما كان من جنس الأرض أو ما تولد منها ولو لم يكن له غبار.
- إذا تعذر على المريض غسل عضو من أعضائه لعذر فإنه يشرع له المسح عليه دون غسله بالماء، فإن لم يمكن المسح على الجبيرة أو العصابة غسل الصحيح من أعضاء وضوئه، وتيمم للباقي، بعد نهاية الوضوء.
- المسح على الجبائر والعصائب
- الجبائر توضع على الكسور، والعصائب توضع على الجراحات، ويشترط لمشروعية المسح عليهما، التضرر من الغسل، وكونهما على قدر الضرورة.
- الضرر يكون بزيادة الأثر أو تأخر البرء و لو لم يتسبب في زيادة المرض و الأثر.
- الفرق بين المسح على العصائب والجبائر والمسح على الخفين
- المسح على العصائب والجبائر مشروع في الطهارتين الصغرى والكبرى، ولا يشترط وضعهما على طهارة سابقة عند العجز أو النسيان، ولا كونهما في الأرجل، ولا يوقت مسحهما إلا بالبرء، ففارقتا الخف في ذلك كله: حيث لا يشرع المسح على الخفين إلا في الطهارة الصغرى، وهو موقت بثلاثة أيام بلياليهن للمسافر ويوم وليلة للمقيم، وهو محصور في الرجلين، ويشترط وضعهما على طهارة سابقة.
- المسح على الأعضاء التعويضية وأجهزة الإعاقة
- الأعضاء التعويضية، والبدائل الصناعية للأعضاء المبتورة لا يجب غسلها ولا مسحها إذا غطت العضو المبتور بالكلية.
- إذا بقي من العضو شيء تعين غسله، إلا إذا شق نزع هذه البدائل فإنها تأخذ حينئذ حكم الجبيرة.
- خروج الدم والقيح وأثره على الطهارة
- خروج الدم اليسير لا ينقض الوضوء ، فإن كثر كان الأحوط للمريض تجديد وضوئه، خروجًا من الخلاف.
- يعفى عن يسير الدم في البدن والثوب، وأما الكثير فينبغي تطهيره ما استطاع.
- خروج القيح والصديد من غير السبيلين معفو عنه، فليس بناقض للوضوء.
- تركيب الأسنان الاصطناعية وأثره على الطهارة
- تركيب الأسنان الاصطناعية جائز عند الحاجة إليه، وتركيب هذه الأسنان لا يؤثر على صحة الوضوء والغسل، ولا يلزم خلعها لصحته.
- التلقيح الصناعي وأثره على الطهارة
- استدخال المرأة المني في فرجها بغير إيلاج لا يوجب الغسل ما لم تنزل.
- الغسيل الكلوي وأثره على الطهارة
- الغسيل الدموي الذي هو إخراج الدم وتنقيته ثم إرجاعه لا ينقض الوضوء، والغسيل البروتيني محل نظر، وإن كان الأرجح أنه لا ينقض الوضوء أيضًا.
- حمل النجاسة في أكياس طبية وأثره على صحة الصلاة
- المريض الذي اضطره العلاج إلى تركيب أكياس طبية لاحتواء الخارج من القبل أو الدبر يتعين إزالتها قبل الصلاة وحلها وتطهير منفذها عند القدرة، ويسقط وجوب ذلك عند العجز أو المشقة.
- إزالة النجاسة بمائع غير الماء
- إزالة النجاسة بعد قضاء الحاجة من موضع الخارج من السبيلين، من بول وغائط، يكون بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار بيابس طاهر، كالمناديل الورقية، فإن شق الاستنجاء بالماء، فبغيره من المائعات الطاهرة المزيلة للخبث.
- الأصل في تطهير النجاسة من الثوب أو البدن أن يكون بالماء المطلق، ولا حرج في إزالتها بكل مائع طاهر يمكن إزالتها به، كالخل وماء الورد ونحوهما ما دام طاهرًا في نفسه، مزيلًا لعين النجاسة، والأولى استخدام الماء خروجًا من الخلاف.
- لا ينبغي إزالة النجاسة بمطعوم أو غسل اليد به إلا عند الحاجة، أي بأن لم يوجد غيره، أو كان هو أقوى، أو أسرع تأثيرًا في الإزالة من غيره.