بسم الله الرحمن الرحيم
توصيات الدورة الثامنة لتدريب الأئمة المنعقدة بشيكاغو
في الفترة من 1 أكتوبر- 3 أكتوبر- 2011
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله صحبه ومن والاه، أما بعد:
إنه في الفترة من 1 أكتوبر- 3 أكتوبر- 2011 عقدت بحمد الله وتوفيقه الدورة التدريبية الثامنة لأئمة المساجد، والمراكز الإسلامية بمدينة شيكاغو تحت عنوان
القضايا الجدلية حول الإسلام في وسائل الإعلام
وذلك بمدينة شيكاغو بولاية إليوني. وقد استغرقت أعمال هذه الدورة ما يزيد على عشرة جلسات امتدت على مدى ثلاثة أيام متتابعة، وحضرها قرابة مائة وخمسين إمامًا من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وقد حاضر فيها : الدكتور صلاح الصاوي الأمين العام للمجمع، ومن أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء بالمجمع كل من أصحاب الفضيلة: الدكتور حاتم الحاج، والدكتور موفق الغلاييني، والدكتور معن القضاة، والدكتور وليد البسيوني، كما حاضر فيها الدكتور طارق حسين رئيس مجلس أمناء كير بتكساس، والأستاذ كوري سيلر المستشار السياسي بكير، وقد نوقشت في هذه الدورة جملة من القضايا المهمة المتعلقة بالقضايا الجدلية حول الإسلام في وسائل الإعلام؛ بدءًا من الحديث عن دعاوى الإرهاب والعنف الأسري، وانتهاء بالحديث عن العهدة الوطنية وميثاق شرف للعمل الدعوي . وقد أسفرت هذه الدورة عن النتائج والتوصيات التالية:
أولا: ما أثير من جدل حول الشريعة
- لقد صارت الحاجة في زماننا ماسة إلى تحرير خطابات جماعية للمسلمين، واعية بالمستجدات العالمية، ومتمسكة بالثوابت الإسلامية، تجمع بين سلامة المعنى ومناسبة العبارة.
- إن التدين في الإسلام ليس رهبنة في الصوامع ولا شقشقة في المنابر، ولكنه موافقة مراد الخالق في كل الأحوال وكل الأمكنة والأزمان، اعتقادًا وقولاً وعملاً.
- الإسلام بريء من الديماجوجية، وإن وقع فيها بعض المسلمين كغيرهم، فهو يدعو إلى مراعاة الحقيقة والحرص على التحقيق، وإلى الموازنة بين المادة والروح والعاطفة والعقل دون أن يتغافل الخطاب إلى العاطفة أو يتنكر للحقائق أو يروج الأوهام. قال تعالى: ﴿ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﴾ [الإسراء: ٣٦].
- التدين الصحيح يدعو إلى عمارة الأرض وإصلاحها. قال تعالى مخبراً عن نبيه صالح: ﴿ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ﴾ [هود: 61].
- إن صناعة النهضة والإعانة عليها من أفضل الأعمال، وقد قال رسول الله – ﷺ: «إن قامَت السَّاعةُ وبِيدِ أحدِكم فَسِيلةٌ فإن اسْتَطاع ألا تقومَ حتى يغرِسَها فلْيفْعَل».
- التدين في الإسلام يعني الإحسان إلى كل الناس بالقول والعمل، قال تعالى: ﴿ﯦ ﯧ ﯨ﴾ [البقرة: 83] وقال: ﴿ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ﴾ [المائدة: 8].
- لا يؤدي التدين في الإسلام إلى الرعونة مع المخالفين، وأكثر أسباب التجاوز في بعض الخطاب الإسلامي المعاصر تجاه الغرب ليست نابعة من مبادئ عقدية، بل مظالم سياسية.
- الولاء للموافقين في الدين ولاء على الحق، لا يحمل صاحبه على بغي أو عدوان، بل يقتضي منع الظالم، وإن كان مسلمًا، من ظلمه كما قال رسول الله – ﷺ: «تَحْجِزُه أو تَمْنَعُه من الظُّلم، فإن ذلك نَصْرُه».
- العدل بين الناس كلهم هو أس المنهج الرباني، فهو بذلك فوق الاعتبارات المصلحية. قال تعالى لرسوله – ﷺ: ﴿ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ﴾ [النساء: 105] والخائن هنا كان أنصاريًا اتهم يهوديًا بالباطل.
- لا يسوغ أن يُنكَر على من قال بتجديد الدين، فقد قال رسول الله – ﷺ: «إنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأمة على رَأْسِ كل مِائَةِ سَنَةٍ من يُجَدِّدُ لها دِينَهَا». ولكن يكون النقاش عن ماهية التجديد المقصود.
- ليس في التدين الإسلامي جمود، فالإسلام لم يحاصر العقل البشري المبدع في شتى المجالات المعرفية، وتعاليمه في غير أبواب العبادات والآداب جاءت مُجمَلَة تاركة مساحة واسعة للناس لتدبير أمورهم، والاستفادة من تجاربهم وتجارب غيرهم من الأمم.
- الأصل أن الدين لا تغيير فيه. قال رسول الله – ﷺ: «من أحْدَثَ في أَمْرِنا هذا ما ليس مِنْه فَهُو رَدٌّ». وأكثر التجديد يكون بإحياء ما اندرس من السنن، أو تنقية الدين مما علق به من البدع والأعراف المخالفة للوحي. لكن هناك نوع آخر من التجديد، وهو التجديد الاجتهادي، كالذي مكن الأمة في أيام الخلافة الراشدة من استيعاب الثقافات المختلفة مما أدى إلى فعل حضاري وعمراني وثقافي لم يشهد العالم له من قبل مثيلا.
- التجديد الاجتهادي لا يعني تغيير حكم الله، فحكمه تعالى لا يتغير لمجرد تغير الزمان والمكان، لكن لكونهما أوعية لما فيهما من طوارئ تعرض إلى أعيان الوقائع، فتتغير الفتوى فيها.
- لا يشمل التجديد الاجتهادي أبواب العبادات ولا المقدرات في الشريعة كالكفارات، ولا يصلح له إلا أفذاذ المجتهدين من العلماء في كل عصر.
- لا يكون التجديد في المضامين فحسب، بل أكثره في القوالب والأساليب، وتجديدها يعني إعادة التعبير عن الذات بآليات معاصرة.
- إن التجديد في القوالب يعني تبني ما هو جديد من وسائل البلاغ، والتجديد في الأساليب يكون بعد تحديد الداء عند المخاطَبين بالحكمة في تنويع العلاج بين الموعظة والتعليم؛ والترغيب والترهيب؛ والتقديم والتأخير؛ ومخاطبة الروح وإقناع العقل؛ والعمل الفردي والجماعي والعمل العلمي والاجتماعي بل والاقتصادي والسياسي.
- التجديد الذي نقصده هو ما يكون لمصلحة الدين والمخاطَب، وليس هو التلون لمصلحة الداعي، والعبرة قبل سداد العمل بصلاح النية، وتجريدها أشد على السالكين من العمل نفسه.
- لقد كرم الإسلام الفرد، وحفظ له حقوقه كما لم يفعل دين أو منهج فكري آخر. قال تعالى: ﴿ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ﴾ [الإسراء: ٧٠].
- إن مقام العبودية لله هو أشرف المقامات، ولا يكون التحرر الحقيقي من سلطان المخلوقين إلا بتمام العبودية للخالق.
- إن نفوس المسلمين لتهفو إلى التحرر، لا من العبودية لله، ولكن من قهر البشر، وهذا عين ما جاء به الإسلام، حتى عبر الفقهاء عن حرص الإسلام على تحرير العبيد بتشوف الشارع إلى الحرية. وليست الحرية فقط ضد الرق، بل الظلم والقهر كذلك، قال عمر – رضي الله عنه – لعمرو بن العاص لما ضرب ابنه قبطيًا: «مُذْ كَمْ تَعَبَّدتُم النَّاسَ وقَد وَلَدَتْهُم أمَّهَاتُهُم أحْرَارًا».
- إن الناس قد يحسنون التعامل مع الحرية وقد يسيئون، فما هي إلا ابتلاء كباقي الأحوال التي تعرض لهم في الدنيا، ولكنها في أصلها نعمة كالعافية والغنى والأمن.
- إن هذا الدين عليه نور من الله، وظهور الحجة والبرهان له في كل الأزمان، وقد كان صلح الحديبية فتحًا إذ هيأ الأجواء لقوافل الدعوة أن تسعى بحرية في أنحاء الجزيرة.
- إن لكل حضارة مرجعية مقدسة، والإسلام مرجعية هذه الأمة المسلمة، وقد كان وما يزال اختيار الجماهير الكاسحة في بلاد المسلمين، فلا جرم أنه إن ترك الخيار للشعوب، فلن يكون ثمة خوف عليه من الحرية، بل تكون التربة الصالحة التي تضرب فيها شجرة الدين بجذورها فتستقر لتتطاول فروعها الباسقة فتبسط ظلالها الوارفة على واقع الحياة حتى ينعم بربيع أيامها كل الناس.
- إن حرية التعبير مكفولة بضوابطها في الإسلام، ولكن هناك قيم لكل مجتمع يسعى لحمايتها، ويحددها أفراده من خلال القنوات المشروعة.
- إن الشريعة تقر بحكم الأغلبية، أصالة، ولكونه السبيل الوحيد إلى الأمن والاستقرار ومنع الفتنة. وعقد الإمامة إنما يثبت بقبول المسلمين. وعمر جعل الأمر في ستة وجعل معهم من يرجح بينهم إذا اختلفوا، وفيه مراعاة لمعنى الأغلبية العددية.
- إن المرجعية في الإسلام ليست لأحد من العلماء أو الناس، بل للإسلام ذاته، وليس لأحد احتكار فهمه، وإن كلمة أبي بكر في خطبته الأولى «وإن أسأت فقوموني» لتكفي لبيان أنه ليس ثمة ثيوقراطية في الحكم الإسلامي.
- إن كانت الديمقراطية، على مستوى التنظير، تجعل التشريع للشعب والإسلام يجعله لله، فمن حيث التطبيق، فإن الشعب المسلم هو الذي يختار حكم الله. وفي نفس الوقت فإن إجماع مجلس الشعب، بل وكل المجالس، على حل الخمر أو غيرها من المحرمات لن يجعلها حلالا.
- إن هناك من يصرخ في الغرب لتصحيح مسار التجربة الديمقراطية وبعض ممارساتها التي مكنت أصحاب النفوذ من السيطرة على مجريات الأمور، فلا بد إذًا للديمقراطيات الصاعدة في العالم الإسلامي من دراسة مثالب تلك الممارسات لتفاديها؟
ثانيا: حول العنف الأسري
- العنف الأسريّ في القانون الأمريكيّ اصطلاحٌ يقصد به استخدام القوة بين أفراد العائلة الواحدة أو بين من تربطهم علاقاتٌ حميمةٌ كالأخدان، كالعنف بين الأزواج، وعنف الوالدين تجاه الأولاد وبالعكس، كما أنه يشمل العنف الجسديّ والجنسيّ والماليّ واللفظيّ، أو التهديد بأيّ ممّا سبق. ولا فرق في أصل التجريم القانوني بين الاعتداء والتأديب، ولا بين استخدام العنف دائماً أو نادراً، فكل ماسبق يدخل تحت المساءلة القانونية.
- العنف الأسريّ في الشريعة الإسلامية تعبير مجمل حادث:
- فإن قصد به الضّرب على الوجه، أو الضّرب المبرّح الذي يؤدّي لسفك الدّم أو كسر العظم ونحو ذلك فهو محرّمٌ لعموم الأدلّة الناهية عن الإضرار وإلحاق الأذى بالغير.
- وإن قصد به الضّرب اليسير غير المبرّح في مقام التأديب، فالأصل فيه الحظر وليس الإباحة، ولا يستباح إلا إذا استنفد المؤدّب- كالأب مع أولاده والزّوج مع زوجته- وسائل التأديب الأخرى، وإذا جرمته القوانين فينبغي الانكفاف عنه والاكتفاء بوسائل التأديب الأخرى حتى لايقع تحت طائلة العقوبة القانونية.
- الأصل هو الاستغناء عن التأديب الجسديّ بالكلية، وهذا ما كان عليه صاحب الخلق العظيم ﷺ الذي لم يضرب بيده غلاما ولا امرأة قط إلا أن يجاهد في سبيل الله.
- ينبغي اللجوء إلى التحكيم- وليس للضرب والعنف – عند ظهور الشّقاق واستفحاله. وإذا رأى المحكّمون أن التفريق بين الزوجين أنفع لهما فلا حرج، فإن الزواج عقدٌ كبقية العقود التي أساسها الرغبة والتراضي، فإذا فُقِدَ التراضي ابتداءً أو دواماً فالمتعاقدون بالخيار، إن شاؤوا استداموا العقد وإن شاؤوا أنهوه.
- لا يجوز للمرأة أن تمتنع عن فراش زوجها بغير عذرٍ شرعيّ، فإن فعلت أثمت، ولا يحِلّ للزوج إكراه زوجته على الجماع، لأن الإكراه-والحالة هذه- عادةً ما يلحِقُ أذىً جسدياً ونفسياً بالزوجة، والإضرار بالغير منهيّ عنه، ولكن هذا الإكراه لا يعدّ (اغتصاباً) كما تسمّيه بعض القوانين والثقافات غير الإسلامية، لأن الاغتصاب هو الإكراه على الزّنا.
ثالثا: حول الثورات العربية
- الظلم قبيح في الملل كلها، فهو جماع الآثام ومنبع الشرور، وقد حرمه الله عز وجل على نفسه، وجعله فيما بين عباده محرما، فقال: [يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته فيما بينكم محرما فلا تظالموا].
- أن واجب النصيحة والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر من المحكمات في الدين، وهو واجب عام لا يستثنى منه أحد، يتجه الخطاب به إلى الكافة: حكاما ومحكومين، ساسة ومسوسين، [الدين النصيحة!] قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: [لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم] وأن الأمر بطاعة الولاة لا ينتنافى مع إقامة هذا الواجب، بل هو من جملة حقوقهم على الرعية.
- أن وسائل النصح والاحتساب المتعلقة بالمنكرات العامة لا الشخصية متنوعة تختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال، فقد تتخذ صورة الكتابة إلى الهيئات الرقابية والمؤسسات الدستورية، أو الكتابة في الصحف والمجلات، أو الخطابة في المحافل والمنتديات، وقد تكون سرا أو علانية بحسب وجوه المصالح واعتبار المآلات.
- أن حرمة الدماء والأموال والأعراض مما أحكم في الدين، صدر بها نبينا صلى الله عليها وسلم حديثه في خطبة الوداع، وأكد عليها في ثنايا حديثه يومئذ عندما قال [ فلا ترجعوا بعضي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض] وقد أجمع المسلمون على أن الإكراه على القتل لا يجيزه ولو أكره عليه بالقتل، لأن نفس المكره ليست بأولى من نفس أخيه الذي يكره على قتله ، كما أن الممتلكات العامة مصونة ومعصومة سواء أكانت للمسلمين أم لغير المسلمين فلا يجوز الاعتداء عليها بالتخريب والإحراق.
- التظاهر من مسائل السياسة الشرعية التي يدور حكمها في فلك الموازنة بين المصالح والمفاسد، فهو مما تتغير فيه الفتوى بتغير الزمان والمكان والأحوال، وذلك تبعا لتغير وجوه المصلحة، ونظرا لاختلاط المصالح بالمفاسد في التظاهر فينبغي أن يرجع في تقدير ذلك إلى أهل الحل والعقد من أهل العلم وأهل الخبرة
- ما يقوم به إخواننا في الشرق من مظاهرات حق مشروع لهم في الشريعة و مكفول لهم في الأعراف الدولية لأنها مظاهرات سلمية تطالب بحقوق مشروعة شرعاً و تدل على شجاعة و نبل هؤلاء الشباب و من خرج معهم ،و نؤكد لهم على أن مشروعية عملهم مرتبط ببقاء تظاهرهم بشكل سلمي و شرعية مطالبهم
- لا نرى صحة استدلال من اعتقد بأن مثل هذه التظاهرات تعارض الاحاديث الواردة في النهي عن الخروج على الولاة والأمر بالصبر لاختلاف المناط، و لأن المنع من الخروج على ائمة الجور إنما كان لدفع الفتنة ومنع إراقة الدماء وإشاعة الفوضى، وليس تسويغا للظلم أو إقرارا للظالم على ظلمه، فحيثما امتهد سبيل لمنع الظلم والطغيان دون مفسدة راجحة تعين المصير إلى ذلك. فإن الظلم قبيح في كل الملل، فإذا اتفقت الأمة على طريق مشروع للضرب على يد الظالم ومنعه من الظلم دون مفسدة راجحة، وضمنته في دستورها فيبقى الوقوف مع الأصل المحكم وهو إقامة العدل ومنع التظالم.
- أن التظاهر السلمي لا يعد بذاته من وسائل الخروج على الحكام إذا كان الدستور الذي بويع الحاكم على أساسه قد قنن هذه الوسيلة، وأسبغ عليها المشروعية، ونظم طرق ممارستها، واعتبرها من الآليات المشروعة للمارسات السياسية، فلا يحتج بأدلة منع الخروج بالسيف على منع هذه الاحتجاجات السلمية في ضوء ضوابط الالتزام بحرمة الدماء والاموال، وحماية المرافق والممتلكات الخاصة والعامة.
رابعا: حول الإرهاب والتقية
- الإرهاب هو العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغيا على الإنسان في دينه، أو عقله، أو ماله، أوعرضه، فأي عمل يستهدف أرواح المدنيين أو العسكريين المستأمنين من غير المسلمين، أو الاعتداء على ممتلكاتهم العامة و الخاصة يعد فسادا في الأرض وإرهابا محرما، وجريمة تستوجب المساءلة الشرعية والقانونية.
- للتطرف والإرهاب أسباب و عوامل متعددة لا بد من التعامل معها بشل تكاملي كلّي غير انتقائي، فلا بد من معالجة أسباب التطرف و الإرهاب في نفس الوقت الذي نحارب فيه مظاهره و أفراده.
- الواجب على الأئمة و الدعاة و المراكز الإسلامية تحصين الجالية لا سيما الشباب والمسلمين الجدد فكريا ضد كل مفاهيم الغلو و ذلك بشكل صريح و من خلال الوسائل المتاحة للحوار والتعليم.
- نوصي الآباء و الأمهات بالعناية بأولادهم ونصحهم إذا رأو علامات الغلو و الإنحراف عليهم، و طلب المساعدة ممن لديه القدرة على مناصحتهم، و كذلك التأكد من كون مصادرهم الدينية مصادر صحيحة بعيدة عن الغلو و التكفير لا سيما ما يتلقونه عبر الإنترنت.
- ضرورة بناء الثقة بين الجاليات المسلمة والجهات الأمنية، فالمعالجات الفكرية للغلو إلى أهل العلم في الجالية، والمعالجات الأمنية إلى الجهات المعنية بحفظ الأمن، وتكون لمن يثبت تورطه بالفعل في جريمة، ولا يجوز إيواء أمثال هؤلاء ولا التستر عليهم ، مع التأكيد على عدم مشروعية أخذ الناس بالشبهات، فإن الأصل في الإنسان البراءة حتى تثبت إدانته، وعدم مشروعية استدراج أحد إلى عمليات وهمية من أجل الإيقاع به و ملاحقته قانونياً.
- التأكيد على أن التعامل الأمني فقط مع أصحاب الغلو بإيداعهم السجون أو استدراجهم لعمليات وهمية من أجل الإيقاع بهم لن يحل المشكلة، بل قد يزيدها على المدى البعيد، لأن السجون مفرخة الإرهاب، لذا يجب أن نوسع دائرة المواجة الفكرية و نضيق دائرة المواجة الأمنية.
- عقود الأمان تنعقد بما يحصل به فهم الأمان ظاهراً، و لا عبرة بما يبطنه الشخص، فالتقية في هذا الباب لا تجوز، و عليه فمن دخل بلدا بعقد (الفيزا) لا يجوز نقض هذا العقد، و كذا لو دخل غير المسلم بلدا إسلاميا بعقد أمان فلا يحل التعدي عليه.
- المجمع يدعو حكومة الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحكمة في معالجة التطرف والإرهاب والاستعانة بالجالية المسلمة وعلمائها، مع عدم التخلي أو التضحية عن مباديْ حقوق الإنسان ومبدأ الحريات الدينية التي أسست عليه هذه البلاد وقامت عليه شرائع الدستور الأمريكي. إن قوة أمريكا نابعة من كونها بلدا عادلا يحترم الحريات و الحقوق و يعمل من خلال الأنظمة و القوانين.
خامسا: حول مفهوم المواطنة والإندماج في مجتمعات غير المسلمين
1- لا حرج أن يستوطن المسلم بلداً غير إسلامي لفائدة دينية كالفرار بدينه من بلد يضطهد فيه، أولمنفعة دنيوية بشرط ألا يخل هذا بواجباته الدينية تجاه نفسه ومن استرعاه الله شأنهم من زوجة أوولد.
2- كما ينبغي – من باب الأولى – استمرار إقامة المواطنين المسلمين الأصليين،مع استفراغ الوسع في المحافظة على دينهم والدعوة إليه. وإظهار ما يمكنهم إظهاره من شعائره، والصبر على ما يصيبهم من بلاء باعتبارهم النواة الأساسية الأقدر على توطين الإسلام في هذه المجتمعات.
3- تعبير الاندماج تعبير مجمل، فمنه ما هو محمود، ومنه ما هو مذموم:
- فمن الإندماج المحمود: احترام القوانين المعمول بها بما لا يخالف خصوصيات المسلم في العقيدة والشعائر والأخلاق والأحكام الشرعية المناطة به كفرد وكرب أسرة. مع مراعاة عدم التعرض للمخالف في الدين بما لا يقره قانون أو عرف شائع عملا بالتوجيه القرآني الكريم بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
- ومن الاندماج المحمود أيضا التعاون مع غير المسلمين في القواسم المشتركة مثل: احترام كرامة الإنسان وحريته، ونشر السلام والتعاون بين الشعوب، وحماية الأسرة من العنف أوالشذوذ الجنسي، وحماية القيم الدينية المشتركة من الإلحاد أو التشويه أو السخرية، وكذلك الوقوف في وجه التعصب الديني المؤدي لاضطهاد أو إيذاء المخالف في الدين في عقيدته أو شعائره أو شرائعه أو مشاعره.
- ومن الاندماج المذموم: الذوبان في المجتمع غير الإسلامي فكرياً أو سلوكياً. ومن النصائح الهامة التي يصر عليها المجمع في هذا المجال أن يُعنى المسلمون بتنشئة الأجيال المسلمة على عقيدة الإسلام ومثله وأحكامه، وذلك من خلال الحفاظ على سلامة المنهج إتباعا للقرآن والسنة في مراكزهم ومدارسهم الإسلامية.إضافة للعناية بالأنشطة الثقافية والاجتماعية التي تسهم في الحفاظ على هوية المسلمين. مع الاهتمام بإيجاد قيادة دينية ترعى مصالحهم وتقوم بتوجيههم.
سادسا: حول العهدة الوطنية [ ملف مرفق ]
ناقش المجتمعون جملة من المعالم الأساسية في باب المواطنة، وضمنوها في وثيقة تحت عنوان [ العهدة الوطنية] وقد تواصى المجتمعون بتعميمها وترجمتها والتواصل بها مع الجهات المعنية السياسية والإعلامية والأمنية.
سابعا: حول ميثاق شرف للعمل الدعوي [ ملف مرفق ]
ناقش المجتمعون جملة من المعالم الأساسية في باب العمل الدعوي مما ينظم السير ويمنع التصادم، وضمنوها في وثيقة تحت عنوان [ ميثاق شرف للعمل الدعوي] وقد تواصى المجتمعون بترجمتها وتعميمها.