بسم الله الرحمن الرحيم
قرارات وتوصيات المؤتمر الخامس لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا المنعقد بالمنامة – مملكة البحرين
في الفترة من 14 – 17 من شهر ذو القعدة 1428 الموافق 24 – 7 2 من شهر نوفمبر 2007
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإنه في الفترة من 14 – 17 من شهر ذو القعدة 1428 الموافق 24 – 27 من شهر نوفمبر 2007 في عاصمة مملكة البحرين جرت فعاليات المؤتمر الخامس لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا وسط حضور رسمي من المملكة البحرينية في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.
وقد دارت مناقشات موسعة ومستفيضة على مدى أربعة أيام متتالية حول الموضوعات المقدمة من السادة أعضاء المجمع وخبرائه فيما يشغل المسلمين في الساحة الأمريكية بشكل خاص وفيما يخص المسلمين في المهجر بصفة عامة حول ما يحل ويحرم من المهن والأعمال والوظائف، ثم خلص المجمع إلى القرارات الآتية:
القرار الأول: العمل في المجال الإعلامي
تمهيد :
يعد الإعلام وسيلة أساسية لنقل المعارف والأفكار والسلوكيات بين الأجيال المتعاقبة ، ويسهم في صياغة فكر المجتمع وتكوين ثقافته وحماية أخلاقه ، كما يسهم في توجيه الرأي العام واتخاذ القرارات في جميع مناحي الحياة .
وهو أحد وسائل الدعوة الإسلامية الأساسية التي يجب على المسلمين عامة والدعاة خاصة القيام بها في كل زمان ومكان .
وحكم الإعلام في الأصل وباعتبار مفهومه المجرد الإباحة، وتعتريه الأحكام الخمسة : الوجوب ، والندب ، والإباحة، والكراهة، والتحريم، وذلك بحسب المعلومة المقدمة، والوسيلة المستخدمة، والآثار المترتبة عليها، ومآلات الأفعال محل الممارسة.
وذلك بالضوابط الآتية :
أولا: التثبت من المعلومة المقدمة قبل نشرها وتجنب الشائعة .
ثانيا: الالتزام بالصدق والموضوعية في نقل المعلومات .
ثالثا: احترام السلوكيات والأخلاقيات الإسلامية في عرض المعلومات.
رابعا: احترام الخصوصيات ، بحيث لا ينشر منها شئ إلا إذا أذن صاحبها، أو ترتب على نشرها مصلحة عامة راجحة .
خامسا: لا يجوز نشر أي معلومة – حتى لو كانت صحيحة أو أذن أصحابها – إذا ترتب عليها مفسدة في نظر الشرع .
سادسا: نشر المعلومات بالوسائل المشروعة ، وتجنب الوسائل المحظورة شرعا.
سابعا : الامتناع عن العمل في المؤسسات المعروفة بعدائها للإسلام إذا تضمن عمله مظاهرة لها على بغيها وعدوانها.
ثامنا : الامتناع عن العمل في المؤسسات القائمة على ما هو محظور شرعا كالمجلات أو القنوات المتخصصة في إشاعة الفحش والرذيلة .
تاسعا: التزام المرأة بالأحكام الإسلامية كالحجاب، وعدم الخلوة، وعدم السفر من غير محرم أو رففقة مأمونة، وأن يكون عملها في مجال يتفق مع فطرتها وطبيعة تكوينها، وغير ذلك من الأحكام والآداب الشرعية .
هذا وقد أجل المؤتمر النظر في بعض القضايا المتعلقة بمدى مشروعية بعض وسائل الإعلام لمزيد من البحث والاستقصاء لتعرض على المجمع في مؤتمراته القادمة
القرار الثاني: حول العمل في مجال تقنية المعلومات
إن تقنية المعلومات من المبتكرات المعاصرة التي أسهمت إسهاما كبيرا في نهضة الإنسانية، وتيسير حياتها.
والأصل في العمل في هذا المجال أنه من فروض الكفاية ، إلا إذا أدى إلى محظور شرعي ، أو إضرار بالغير .
ويباح تقديم هذه الخدمة عند الحاجة وإن كانت تستخدم في أعمال مباحة وأخرى محرمة، لأن الإجارة لم تقع على خدمة محرمة بعينها.
القرار الثالث: العمل في شركات بطاقات الائتمان
لبطاقات الائتمان أهمية بالغة في واقعنا المعاصر، لأنها تحل محل العملة النقدية، وتغني عن حمل النقود أو الاحتفاظ بها فصارت بذلك من الحاجات التي لا يكاد يستغنى عنها لا سيما خارج ديار الإسلام.
و بطاقات الائتمان نوعان :
الأول – بطاقات الائتمان المغطاه برصيد نقدي لحاملها، ويستحق مصدرها أجرة معلومة مقابل إصدارها، وهي أداة وفاء جائزة شرعا، لأن العوض الذي يترتب على التعامل بها يسدد من أرصدة حامليها، لذا يجوز التعامل بهذه البطاقات كما يجوز استصناعها والعمل في الشركات التي تصدرها أو تقوم على تسويقها.
الثاني – بطاقات الائتمان غير المغطاه برصيد نقدي لحاملها، وهي ثلاثة أنواع:
النوع الأول : بطاقة ائتمان تصدر مقابل أجرة معلومة، وهي وسيلة شراء في الذمة ( بالدين ) مع تحديد طريقة معينة للسداد دون ترتيب فائدة على التأخر في السداد، وهذه البطاقات تصدرها المؤسسات المصرفية الإسلامية، ولا وجود لمؤسساتها فيما نعلم خارج ديار الإسلام، وهي جائزة شرعا، فيجوز التعامل بها، كما يجوز استصناعها واستصدارها والعمل في الشركات التي تصدرها أو تسوقها.
النوع الثاني: بطاقات الائتمان الربوية ، وهي وسيلة شراء في الذمة ( بالدين ) مع ترتيب فائدة على الدين، وهي محرمة شرعا. فلا يجوز استصناعها ولا استصدارها، ولا العمل في الشركات التي تصدرها أو تسوقها.
النوع الثالث : بطاقات تعطي حاملها مهلة محددة من غير فائدة ربوية ، فإن تاخر عن السداد بعد مضي هذه المهلة ترتب عليه هذه الفائدة ، وهي غير جائزة لما تتضمنه من شرط فاسد، فلا يجوز استصناعها ولا استصدارها، ولا العمل في الشركات التي تصدرها أو تسوقها.
ويرخص لأصحاب الحاجات في التعامل بالقسم الثالث عند مسيس الحاجة وعموم البلوى وانعدام البديل، مع وجوب العزم على السداد قبل مضي الأجل وترتب الفائدة عليه، وغلبة الظن على تحقق القدرة على ذلك.
أما العمل في مجال استصناع أو استصدار أو تسويق هذه البطاقات التي لا تستوفي شروط المشروعية فإنه يبقى على أصله من المنع، لأن الترخص في الانتفاع بالشيء لضرورة أو لحاجة ماسة لا ينسحب على العمل في استصناعه أو تسويقه، إلا عند الضرورات.
القرار الرابع: العمل في شركات التأمين
• التأمين من النوازل التي تحدث فيها أهل الفتوى من المعاصرين سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى دور الإفتاء والمجامع الفقهية، وهو أنواع شتى: منها ما يحل ومنها ما يحرم، ومنها ما هو في محل الاجتهاد، ويتفرع حكم العمل في مؤسسات التأمين عن القول في عقود التأمين نفسها، فما صح من هذه العقود جاز العمل في مؤسساته، وما لم يصح منها لم يجز العمل فيه أو الإعانة عليه.
• الأصل في التأمين أنه نظام يقوم على الإرفاق والتكافل والمواساة، وهو بهذا المعنى وفي هذا الإطار من القيم الإسلامية الأصيلة إذا تقيد في نظامه وعقوده واستثمار أمواله بأحكام الشريعة، ولا يبعد القول أن القيام به في هذا الإطار وفي ظل ما طرأ من مستجدات قد صار من جملة فروض الكفايات.
• تتنوع نظم وعقود التأمين في واقعنا المعاصر إلى عقود تأمين تجارية وأخرى اجتماعية أو تكافلية، ولكل حكمه.
• الأصل في عقود التأمين التجاري الذي تنظمه قوانين التأمين التجاري وتمارسه شركاته [ بحيث تكون الشركة طرفا أصيلا فيه يلتزم بدفع مبلغ التأمين في حالة وقوع الخطر المؤمن منه في مقابل قيام المستأمن بدفع أقساط محددة طوال فترة التأمين ] أنها من العقود الفاسدة بسبب ما شابها من الغرر والجهالة وغير ذلك من أسباب الفساد، وأنه لا يباح منها إلا ما تلزم به القوانين أو تلجئ إليه الحاجات العامة التي تنزل منزلة الضرورات، وأن العمل في مجال تسويق هذه العقود أو الإعانة عليها لا يحل إلا عند الضرورات أو الحاجات العامة التي تنزل منزلتها، وعلى من ألجأته حاجته إلى العمل في هذه المجالات أن يستصحب نية التحول عن هذا العمل عند أول القدرة على ذلك .
• أما التأمين الاجتماعي الذي لا يقصد به الربح، بل الرعاية الاجتماعية أو الصحية للمستفيدين منه، وتتولاه – عادة – الدول والشركات والمؤسسات العامة وذلك باستقطاع حصة من راتب الموظف مع حصة من المؤمن أو بدونها طوال مدة عمله فهو مشروع، ولهذا يجوز الانتفاع به والعمل في المؤسسات التي تقوم عليه تأسيسا أو تسويقا لقيامه في الجملة على فكرة مشروعة، مع تجنب ما يغشى تطبيقه من أعمال غير مشروعة كالاستثمارات الربوية ونحوها
• أما التأمين الإسلامي ( ويشبهه في بعض خصائصه التأمين التكافلي ، أو التعاوني ) ويقوم على التبرع والتعاون وبذل المنافع، ويكون دور الشركة فيه هو دور الوكيل في إدارة عمليات التأمين والمضارب في استثمار أمواله، فهو من العقود المشروعة، فيجوز الانتفاع به والعمل في مؤسساته ، إذا التزمت بقية الضوابط الشرعية في استثمار أموال التأمين.
القرار الخامس: العمل في أجهزة الضرائب
يرخص في العمل في أجهزة الضرائب سواء أكان ذلك في ديار الإسلام أم في خارجها، مع استصحاب نية الرفق، والسعي في إشاعة العدل وتخفيف المظالم في هذه المرافق مستلهما في ذلك روح الشريعة ومبادئ العدالة، ويستحب التحول عن هذا العمل عند ظهور البديل المناسب.
القرار السادس: العمل في مجال المحاسبة
• العمل في مجال المحاسبة مشروع ؛ لأن المحاسب يقوم بعمل فني، بني على أدوات عمل مشروعة، والأصل في الأشياء الإباحة، ولا حظر إلا لدليل شرعي. إلا إذا كان في مؤسسات تباشر الأعمال المحرمة كالاتجار في الخمر أو الخنزير، فإنه لا يجوز إلا إذا وجدت ضرورة بضوابطها المقررة شرعا، على أن تقدر هذه الضرورة بقدرها ويسعى في إزالتها، وتستصحب نية التحول عن هذا العمل عند أول القدرة على ذلك.
• أما إذا اختلط الحلال بالحرام في الأعمال التي يتولى المحاسب تدقيقها فإن غلب الحلال ساغ الترخص في ذلك للحاجة, ويتخلص من أجره بنسبة ما قام به من عملٍ محرمٍ، مع بقاء الشبهة التي تستدعي من العامل البحث عن عمل آخر لا شبهة فيه، وأما إن غلب الحرام استصحب أصل المنع تجنبا للمشاركة في المحرمات أو الإعانة عليها ” مع اعتبار الضرورات، على أن تقدر بقدرها ويسعى في إزالتها.
.
• ولا بأس بعمل المحاسب ( كأجير مشترك ) وهو الذي يقتصر دوره على تدقيق القرارات المالية ولا يشارك في مباشرتها؛ لأنه مجرد ناقل لصورة واقعية، لا يستثنى من ذلك إلا المؤسسات التي يدور نشاطها الأساسي في فلك المحرمات.
القرار السابع: العمل في المصارف الربوية
• الأصل في العمل في المصارف الربوية أنه غير مشروع، للعن النبي – صلى الله عليه وسلم –آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه, وقوله : ” وهم سواء ” مع اعتبار الضرورات، على أن تقدر بقدرها ويسعى في إزالتها.
• وقد رخصت المجامع الفقهية لمن لم يجد عملا مباحا , أن يعمل في الأماكن التي يختلط فيها الحلال والحرام, بشرط ألا يباشر بنفسه فعل المحرم , وأن يبذل جهده في البحث عن عمل آخر خال من الشبهات , والمجمع لا يرى ما يمنع من تطبيق هذا الحكم على العمل في المصارف الربوية ، فيرخص في العمل في المجالات التي لا تتعلق بمباشرة الربا كتابة أو إشهادا أو إعانة مباشرة أو مقصودة على شيء من ذلك .
القرار الثامن: العمل في القضاء وتوابعه خارج ديار الإسلام
• لقد أرسل الله رسله وأنزل كتبه ليقوم الناس بالقسط، وسبيلهم إلى ذلك تحكيم شرائعه لقيامها على العدل المطلق، ونبذ ما خالفها من الأهواء والتراتيب البشرية، فلا يجوز التحاكم إلي القضاء الوضعي إلا عند انعدام البديل الشرعي القادر على رد الحقوق واستخلاص المظالم، على أن تكون مطالبه أمامه مشروعة، وأن لا يستحل من أحكامه إلا ما وافق الشريعة، فمن حكم له بغير حقه فلا يأخذه، لأن حكم القاضي لا يحل حراما ولا يحرم حلالا فإنه كاشف وليس بمنشئ.
• يتعين على الجاليات الإسلامية العمل على تسوية منازعاتهم صلحا في إطار التحكيم الشرعي، والسعي بالطرق القانونية لدى الدول التي يقيمون فيها لتمكينهم من التحاكم إلى شريعتهم لا سيما في باب الأحوال الشخصية
• العمل في مجالات المحاماة مشروع إذا اقتنع المحامي بعدالة وشرعية ما يطلب منه التوكل فيه.
القرار التاسع: العمل في المجال الهندسي وضوابطه عند اختلاط الحلال بالحرام خارج ديار الإسلام
• لا يجوز لأصحاب شركات التصميم والإنشاء من المسلمين أن يصمموا أو يبنوا أبنية تُمَارسُ فيها المعاصي مثل الحانات وصالات القمار ومحلات بيع الخمور والمعابد التي تمارس فيها عبادات شركية، كما لا يجوز لهم تقبل مشروعات تتضمن شيئا من ذلك، إلا إذا كان لهم شريك من غير المسلمين تولى هذه الأعمال ملكا وإدارة، واستقل بناتجها غرما وغنما، ويغتفر من ذلك ما كان يسيرا نادرا ولم يتيسر فيه الحصول على من يتولاه من غير المسلمين..
• أما إذا كان المبنى مُهيئاً في الأصل للاستعمال المُباح وشابه يسير من المحرمات التابعة فإنه يغتفر ذلك؛ لعموم البلوى، ومسيس الحاجة، مع ضيق سبل الحلال الخالص في هذه المهنة في تلك البلاد
• لا حرج في العمل في شركات تصميم الأبنية أو إنشائها وإن اختلط الحلال والحرام في أعمالها على أن يجتنب العامل مباشرة الأنشطة المحرمة كتصميم وإنشاء البارات أو الكازينوهات أو المعابد الشركية ونحوه.
• إذا عهد إلي العامل في هذه الشركات تصميم أو إنشاء مبنى يُستَعمل في أنشطة محرمة ولم يستطع تجنب ذلك ولم يجد عملا بديلا ساغ له الترخص في ذلك للحاجة إذا كان لمثل هذا العمل طابع الندرة والاستثناء، أما إذا كثرت مثل هذه الأعمال المحرمة ولم يجد سبيلا إلى تحاشيها تعين عليه البحث عن عمل بديل يكون أنقى لدخله وأرضى لربه، وعليه أن يتخلص في هذه المرحلة الانتقالية من دخله من هذه الأعمال المحرمة.
القرار العاشر: العمل في مجال السمسرة العقارية عند اختلاط الحلال بالحرام خارج ديار الإسلام
• الأصل في أعمال السمسرة الحل ما دامت الأنشطة التي يتوسط في إبرام عقودها أنشطة مشروعة، ولا يجوز لشركات السمسرة العقارية ولا للافراد التوسط في ييع عقار مع التيقن أو غلبة الظن أنه لا يستعمل إلا في محرم
• إذا عهد إلى موظف في هذه الشركات التوسط لإبرام صفقة تيقن أو غلب على ظنه استعمالها في محرم ولم يجد مندوحة من التوسط في إبرامها وكان الغالب على أعمال هذه الشركة هو الحل فإنه يرخص له في ذلك عند الحاجة لندرة تلك المعاملة في أنشطة شركته مع الحرص على توقي المحظور أو تقليله قدر الطاقة
• يجوز لكل من شركات السمسرة والأفراد كتابة عقد البيع وإنْ كان المشتري حصَّل الثمن عن طريق التمويل الربوي، ولا ضير عليه من كتابة طريقة حصول المشتري على الثمن، ولكن لا يجوز له أن يشارك في تسهيل عمليات التمويل الربوي سواء بالدلالة على شركاتها أوتجهيز نماذجها ونحوه.
القرار الحادي عشر: العمل في مجال قيادة سيارات الأجرة عندما يكون في محمول الراكب أو على بدنه شيء من المحرمات
• لا يجوز للسائق التعاقد على نقل المحرمات كالخمر والخنزير ونحوه، لما ورد في الخمر من لعن حاملها، ولما تقرر في الشريعة عامة من أن الله تعالى إذا حرم شيئا حرم الإعانة المباشرة أو المقصودة على تداوله.
• إذا جرى التعاقد على نقل الراكب فإنه يغتفر ما يكون في محموله أو على بدنه من المحرمات، لان العقد لم يرد ابتداء عليها وإنما ورد على نقل الركاب وهو في ذاته عمل مشروع ما لم يعلن الراكب عن قصد محرم.
• يكره للسائق التردد على الأماكن التي تشيع فيها الفاحشة والرذيلة، وتشتد الكراهية في الأوقات التي يكثر فيها التردد على هذه الأماكن وتحمله إلى التعامل مع أصحابها، وفي غيرها متسع لعمله.
القرار الثاني عشر: العمل في محلات البقالة والمطاعم
• لا يحل للمسلم العملُ في البقالات والمطاعم التي تقدم فيما تقدم المحرمات إذا كان عمله يتضمن مباشرة المحظور من تقديم الخمر أو الخنزير أو إعداده أو غير ذلك، مع اعتبار حالات الضرورة على أن تقدر بقدرها ويسعى في إزالتها، فينكر بقلبه هذا العمل ويعقد عزمه على التحول عنه عند أول القدرة على ذلك ويجد في السعي للحصول على بديل مشروع.
• ولا حرج في مثل أعمال الحراسة والنظافة ونحوها في هذه البقالات والمطاعم مما لا يتضمن مباشرة شيء من المحرمات ببيعها أو حملها أو إعدادها أو تقديمها.
• يُكرَه للمسلم العمل في غسل الأطباق والأكواب التي تُستعمل في المحرمات؛ لما في ذلك من الإعانة غير المباشرة على المعصية.
القرار الثالث عشر حول بعض الأنشطة التجارية
1- فتح توكيلات محلات بيع الأطعمة التي تتضمن بعض المحرمات.
• لا يجوز للمسلم ابتداء طلب فتح توكيل لمحلات بيع الأطعمة التي تتضمن مبيعاتها أطعمة أو أشربة محرمة، إلا إذا اقتصر طلبه على التوكيل فيما يحل منها .
• إذا منعت نظم هذه الشركات منح توكيلاتها لبعض منتجاتها دون بعضها الآخر، وأمكن تولية هذه المنتجات المحرمة لشريك غير مسلم لا يتدين بحرمة هذه المنتجات فلا يظهر ما يمنع من ذلك على أن يستقل غير المسلم بهذه المنتجات ملكا وإدارة، وأن يستقل بناتجها غرما وغنما، وأن يحدث فصل حسي بين كلا النوعين بما يمنع الالتباس والفتنة
• من دخل في عقد وكالة لمحلات يكون الغالب على مبيعاتها الحل مع اشتمالها على بيع اطعمة أو أشربة محرمة فلا يظهر ما يمنع من استدامة عقد الوكالة بالضوابط الآتية:
1- أن لا يدخل في نشاط هذه الوكالة بيع الخمر و لو كان يسيرا.
2- أن يبذل وسعه مع الشركة المالكة للترخيص في اعفائه عن بيع المحرمات.
3- التقليل من بيع هذه المحرمات و الترويج لها بقدر الاستطاعة.
4- ان يولي غير المسلمين على مباشرة اعدادها و بيعها .
5- أن يتخلص من الكسب المحرم الناتج من بيعها في أوجه البر.
2- أجهزة الصرف الآلي :
• يجوز تأجير مكان لأجهزة الصرف الآلي ATM لأن الغالب في استعمال هذه الأجهزة في الحصول على نقد عن طريق السحب الفوري من حسابه .
• يجوز للبائع تحصيل أثمان مبيعاته على عملائه عن طريق البطاقات الائتمانية لأن تحصيل الثمن تم بطريقة مباحة.
3- العمل في محلات المجوهرات :
يجوز للمسلم الاستثمار أو العمل في محلات بيع المجوهرات بشرط التقابض فيما يجب له التقابض و أن لا تشتمل المجوهرات على تماثيل أو شعارات لملل أو عقائد مخالفة للإسلام .
4- العمل في المحلات التابعة لمحطات الوقود.
• لا يجوز للمسلم الذي يستثمر أو يعمل في المحلات التابعة لمحطات الوقود او غيرها أن يتولى بيع تذاكر القمار أو نحوها من المحرمات التي تباع في مثل هذه الأماكن . أما تأجير صاحب المحطة للمحل التابع لها لمن يكون الغالب في مبيعاته الحل و لكن قد يبيع بعض المحظورات فلا يظهر ما يمنع منه شرعا لأن العقد وقع على منفعة مباحة والإثم يلحق المستأجر وحده.
5- العمل في صرف الشيكات مع اخذ أجرة .
تقرر تأجيل النظر في هذه المسألة لمزيد من الدراسة والتأمل
القرار الرابع عشر: حول توصيات دورة لقاءات الإنترفيث
لقد ناقش المجتمعون التوصيات الصادرة عن الدورة التدريبية الرابعة للمجمع حول اللقاءات مع ممثلي الديانات المختلفة [ إنتر فيث ديالوج ] وأكدوا أن فكرة الحوار والتواصل مع مختلف الملل فكرة عريقة في تراثنا الإسلامي في إشارة إلى ما كان في القرن الرابع من مجالس القاضي أبي بكر الباقلاني مع أهل الملل المختلفة ومحاورتهم في أجواء تبتعد عن التراشق بالتهم والتقاذف بالمناكر التي تغلب على كثير من المناظرات في واقعنا المعاصر، وقد دقق المؤتمرون هذه التوصيات وراجعوا بعض عباراتها، وانتهوا إلى إصدارها في صورة القرار الآتي:
1. الإنترفيث أو اللقاءات مع ممثلى الديانات المختلفة تعبير مجمل، يطلق على عدة معان، منها ما هو مشروع، ومنها ما هو ممنوع:
2. فإن قصد به الدعوة إلى الله تعالى، والقيام بحجته على عباده، وبيان الحق للمسترشدين، ودفع صيال المعاندين والمعتدين، فذلك سعي مشكور وعمل صالح مبرور
3. وإن قصد به مجرد التعريف بالحق في أمم تجهله، وأوساط تنكره، إزالة للوحشة من قلوبهم، وكسرا لحاجز النفرة من نفوسهم، ثم يقررون لأنفسهم بعد ذلك ما يريدون فذلك في ذاته من السعي المشكور والعمل المبرور
4. وإن قصد به السعي لإيجاد تعايش آمن بين أصحاب الديانات المختلفة تحقن به الدماء وتسكن به الثائرة، ويتمكن الناس معه من التقلب في أسفارهم آمنين، ويتمكن معه حملة الحق من تبليغ رسالتهم والإعذار إلى مخالفيهم بعيدا عن أجواء التوتر والشحناء والخصومات، فهذا مقصود مشروع وغاية محمودة
5. وإن قصد به التوصل إلى صيغة لتحقيق المصالح الحياتية المشتركة بين البشر لا سيما بين من ينتمون إلى إقليم واحد أو تجمعهم روابط مشتركة تمس الحاجة معها إلى مثل هذا التعاون فلا حرج في ذلك ولا تثريب على أصحابه، فقد جعل الله الأرض مشتركا بين عباده جميعا: برهم وفاجرهم مسلمهم وكافرهم صالحهم وطالحهم، فقال تعالى [ والأرض وضعها للأنام ] وقال تعالى: [ كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ] وهذا هو أساس عمارة البلدان واستتباب العمران.
6. أما إن قصد به الدمج بين الأديان، والخلط بين الملل، والسعي إلى إيجاد إطار عقدي مشترك يمسخ خصوصياتها العقدية، وقد يبلغ الأمر مبلغ طباعة القرآن مع غيره من الكتب الدينية الأخرى في غلاف واحد، فذلك عدوان على الملل جميعا، بل هو الغش الديني والثقافي الذي يتجاوز في خطره وضرره الغش التجاري الذي تجرمه النظم والقوانين في مختلف الثقافات والحضارات.
7. الأصل في لقاءات الإنترفيث أنها عمل علمي ومهارة دعوية، فهي تقوم على العلم الشرعي مع التمكن من الخطاب العام ومعرفة عادات البلد و أهله و نظامه، فلا مدخل فيها للعامة وأشباه العامة، وينبغي فيمن يتصدر لهذا المجال أن يكون لديه من العلم ما يقيه فتنة الشبهات، ومن التدين ما يقيه فتنة الشهوات، وأن يكون لديه من القدرة على الحوار ما يتمكن به من عرض الحق، والدفاع عنه، ورد شبهات خصومه.
8. ضرورة التأكيد على أن رسالة الإسلام تمثل جوهر رسالات الأنبياء جميعا في صورتها الأصلية والكاملة والخاتمة، وأنها موجهة إلى البشرية جمعاء بما في ذلك أتباع الأنبياء الذين بعثوا قبل بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم
9. الأصل في الحوار مع أهل الكتاب أن يكون بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم، وأن تكون غايته ظهور الحق وهداية الخلق وإزالة الشبهة، وأن لا تشوبه شائبة من الاستفزازية أو الاستعلائية سواء في مضمون الخطاب أو في طريقة أدائه، فإن أهل الإسلام أعرف الناس بالحق وأرحم الناس بالخلق.
10. الأصل في البلاغ أن يكون مبينا، وفيمن يقوم به أن يكون على بصيرة، وأن يؤكد على مسائل الاتفاق ويبدأ بها، وأن يقيم الحجة في مسائل الخلاف ولا يعتذر عنها، وأن يبدأ بتقرير الأصول قبل الفروع، وأن يرد الجزئيات إلى الكليات، وأن تكون له في ذلك كله نية صالحة.
11. لا ينبغي على المحاور أن يضيق واسعا، فما كان له مساغ في النظر تجاوزه وإن كان مرجوحا عنده، فإن باب المناظرة أوسع من باب النظر.
12. البر والقسط هو أساس التعامل مع المسالمين من غير المسلمين، ولأهل الكتاب منهم خصوصية تتمثل فيما جاءت به الشريعة من حل ذبائحهم ونكاح نسائهم، الأمر الذي لا تشاركهم فيه الملل الأخرى
13. والبر والقسط المأمور به في التعامل مع غير المسلمين لا يستلزم الاعتقاد بما يدينون، ولا يقتضي مخالفة المسلم لما يعتقده من أن الإسلام ناسخ لما سبقه من الملل، وان من لم يدن به لم تتحقق له النجاة في الآخرة
14. لا حرج في إقامة لقاءات الإنترفيث في مساجد المسلمين أو في معابد غيرهم، على أن تراعي حرمة المساجد وعدم التشويش على من فيها من المصلين، بناء على الصحيح من أقوال أهل العلم من جواز دخول غير المسلمين إلى ما سوى المسجد الحرام من سائر المساجد، ولا حرج إذا حضرت الصلاة ان يصلى المسلمون في معابد الملل الأخرى، مع تجنب استقبال التماثيل، وأن يأذنوا لغير المسلمين بالصلاة في مساجدهم إذا لم يكن ذلك على وجه الاعتياد، وفي قواعد الشريعة ومقاصدها دليل على ذلك.
15. ومن رغب في مشاركة المسلمين في صلاتهم من غيرهم فلا يمنع من ذلك إذا ترجحت مصلحة تأليف قلبه بذلك ، على أن يكون في صف مستقل، أو على الأقل في طرف الصف حتى لا يقطع اتصال الصف، مع الاتفاق على أن الإيمان شرط في صحة جميع الأعمال وفي قبولها.
16. ولا حرج فيما قد يقع في بعض هذه اللقاءات من التهادي بين المسلمين وغيرهم، فهو من جملة البر والقسط الذي أمرنا به في التعامل مع المسالمين من غير المسلمين، ما لم تمنع من حق، أو تحمل على باطل، أو تمثل إعانة عليه.
17. وما تفتتح به هذه اللقاءات أو تختم به من دعاء مشترك إذا لم يتضمن دعاء لغير الله ولم يشتمل على عبارات شركية فلا حرج فيه، لما ورد في بعض الآثار من الإذن لغير المسلمين بشهود صلاة الاستسقاء، ويجب أن يتفق المشاركون في هذه الحوارات على مبادئ تضمن عدم المساس بالخصوصيات العقدية للمشاركين.
18. وما يتخلل هذه اللقاءات من أنشطة مشتركة منها ما يكون من جنس العبادات ومنها ما يكون من جنس العادات، فما كان من جنس العبادات لا تشرع المشاركة فيه لتردده بين كونه عبادة بدعية أو عبادة شركية، وما كان من جنس العادات فلا حرج في المشاركة فيه عند الاقتضاء تألفا للقلوب واستصلاحا للأحوال.
19. ولا حرج في التحالف في هذه اللقاءات وغيرها على نصرة المظلوم من المشتركين أو من غيرهم، والتعاون على أعمال البر العامة مما يمثل منفعة مشتركة لعموم البشر، وفي حلف الفضول وصحيفة المدينة دليل على ذلك.
20. على قيادات الجالية الإسلامية العناية بلقاءات الإنترفيث وتدريب الدعاة المتمكنين للقيام بهذا الأمر، والانفتاح على الجاليات الأخرى للإفادة منه في نصرة حقوقهم الاجتماعية والمدنية و ما يعود على جاليتهم بالنفع.