مسودة توصيات مؤتمر نوازل المسلمين الجدد
نوازل عقدية
يثبت عقد الإسلام بالإقرار بالشهادتين نطقا، أو التعبير عنهما بالكتابة أو الاشارة لمن عجز عن النطق بهما، مع العلم بمعناهما، إقرارا التزاميا، يقصد به الإجابة إلى الإيمان والدخول في الإسلام، والبراءة من كل ما يخالفه.
ينبغي أن يكون التحقق من قصد الإجابة إلى الإيمان، والدخول في الإسلام، وعدم التلبس بناقض جلي قطعي، هو موضع الاهتمام والتحري عند استخراج وثائق ثبوتية للمسلمين الجدد، والتعامل الحياتي معهم بتزويج ونحوه. فإن حدث لَوْثٌ في دلالة الشهادتين على ذلك وجب التحقق، وإزالة الالتباس، كما هو الحال في المجتمعات التي يغلب على أهلها بعض النحل المكفرة؛ كالقاديانية والبهائية والدروز والنصيرية أو اعتقاد خصوص بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى العرب، ونحوها
ومن نواقض الإسلام التي لا بد من التحقق من انتفائها: القول بنسبة الولد إلى الله، أو القول بنبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، أو القول بخصوص بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى العرب وحدهم، أو اعتقاد تحريف القرآن، أو تصديق حديث الإفك في أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ونحوه.
الإقرار ببشرية المسيح لفظا ليس شرطا في إسلام المسلم الجديد، وإن كان لن يثبت له عقد الإسلام إلا اذا اعتقد ما تستلزمه شهادة التوحيد من إثبات الألوهية لله وحده ونفي الصاحبة والولد عنه، والبراءة من الشرك، ويكفي لإسلامه أن يقول أنا مسلم أو أنا بريء من كل دين يخالف دين الاسلام.
لا يلزم الإقرار بالشهادتين بالعربية لمن لا يحسنهما، وإن كان الأولى لمريد الإسلام أن يشهد الشهادتين بلغته، ثم يلقن إياها بالعربية، ما لم يمثل ذلك حرجا له، ويجوز للعاجز عن الكلام أن يشهد على إسلامه بالإشارة أو بالكتابة.
لا يشترط الاعلان عن الدخول في الإسلام أو الاشهاد عليه أو استخراج وثائق ثبوتية به لصحة الإسلام عند الله تعالى، بل لما يترتب عليه من مصلحة دينية أو دنيوية، ومن ذلك أن تجري عليه أحكام الإسلام في الزواج والحج والعمرة و والإرث وأحكام الجنائز ونحوه
الأصل في المسلم عموما ثبوت أحكام الإسلام في حقه في الجملة، لاقتضاء عقد الإسلام لذلك، وينبغي للدعاة مراعاة التدرج في دعوة المسلم الجديد وتعليمه، وذلك بتعليمه تفاصيل الأحكام الشرعية حسب الحاجة، وحسب الإطاقة والتمكن من العمل، ولا يكون هذا التدرج الممنهج من باب إقرار المحرَّمات وإسقاط الواجبات؛ لأنَّ الوجوب والتحريم مشروطٌ بإمكان العلم والعمل، وعلى من يتصدر لتعليم المسلمين الجدد أن يتحلى بالتقوى و الصبر والعلم والحكمة و البشاشة مع معرفة بالأعراف والتقاليد وأن يراعى في إبلاغه ما وجب عليه تعلمه وامتثاله أحسن الطرائق والسبل، مشفوعةً ببيان حِكَم الشرع ومقاصده
ليس هناك جدول زمني محدد ينبغي التقيد به لاستكمال البلاغ، وإنما يراعى في ذلك الموازنة بين المصالح والمفاسد، فيبلغ المسلم الجديد ما تترجح المصلحة في تبليغه، ولا يمنع ذلك أن يكون لدينا برامج تعليمية تهدف إلى تعليم المسلمين الجدد مالا يسع المسلم جهله، ويتدرب عليها عدد من الائمة يجوبون بها آفاق أمريكا، أو على الاقل المناطق المحيطة بهم.
يرخص في قبول الإسلام مع الشرط الفاسد، كقبوله ممن تسلم على أن تبقى مع زوجها غير المسلم، أو أن لا ترتدي الحجاب ونحوه، على أن لا يعود هذا الشرط على أصل الشهادة بالبطلان، أو يتضمن تعديا على حق، مع الترفق في بيان بطلان هذا الشرط بما لايؤدي إلى مفسدة أعظم، وبذل الجهد في تعليمهم وتزكيتهم، وإرشادهم لبعض الحلول والمخارج، والمرجو أن يحملهم إسلامهم على تدارك هذا النقص.
إذا أسلم الأبوان فالصبي تبع لهما، وإن اسلم دونهما صح إسلامه ما كان في سن التمييز، مع مراعاة الجوانب القانونية الخاصة باحكام القصر، وإن أسلم أحد الأبوين فالولد تبع له.
لا يعتبر إسلام السكران، ولا من كان تحت تأثير المخدرات، لان العقل مناط التكليف والاختيار.
من دخل في الإسلام من خلال الفرق المرتدة أو التي لم يثبت لها الدخول في الإسلام ابتداء، بنبغي لمن يتعامل معه أن يبين له ذلك، وأن يكون ذلك من أولويات الخطاب الذي ينبغي أن يوجه إليه.
ينبغي السعي الجاد للعناية بالمسلمين الجدد، وحمايتهم من تيارات الغلو في الدين، وإدماجهم في كيانات أهل السنة.
نوازل تعبدية
لا يجب الغسل على المسلم الجديد، وإنما يستحب فقط في أرجح القولين. لعدم ثبوت أمر كل من أسلم بالغسل.
لا يشرع حلق شعر المرأة لا في ابتداء إسلامها ولا في غيره، ويشرع حلق شعر المسلم الجديد من الرجال إن كان شعره على هيئة خاصة بغير المسلمين مما هو من خصوصياتهم
الختان من سنن الفطرة، فيجب الختان على من أسلم من الرجال إن أمكن بدون ضرر أو فتنة، ويبين له هذا الحكم بعد استقرار إسلامه، وظهور ثباته على الدين، وأن إرشاده لذلك لا ينفره،لأنَّ مصلحةَ إسلامه أعظمُ من مصلحة ختانه.
عرق الكلب وشعره طاهر في الصحيح من أقوال اهل العلم، وفي طهارة ريقه خلاف معتبر، ويمكن تقليد القائلين بطهارته عند مسيس الحاجة وعموم البلوى، أما فضلاته من بول وبراز فهي نجسة بالإجماع، ويغني عن التراب المنظفات الحديثة.
للتفريق بين كيفية تطهير الثياب وتطهير الآنية من لعاب الكلب حظ من النظر، لورود النص بالتسبيع والتتريب في الآنية دون الثياب.
من لم يحسن العربية جاز له التكبير للإحرام بالصلاة بلغته، كما يجوز لمن لم يحفظ الفاتحة أن تكتب له بحروف لغته ليقرأها من ورقة، وإن حفظ منها آية رددها سبع مرات، وإلا ردد ذكرا كالتسبيح والتحميد و التهليل والحوقلة والتهليل مكان الفاتحة إلى أن يتمكن من حفظها، كما يجوز له الدعاء بلغته داخل الصلاة بكل ما يجوز الدعاء به خارج الصلاة من أمور الدين والدنيا.
يشرع ترجمة الأسماء الإلهية و الصفات العلية لمن لم يحسن العربية، و كذلك استعمالها في دعاء الله والثناء عليه، لدخولها في باب الإخبار عن الله.
يجوز عند الحاجة أن يتابع من لا يحسن العربية تلاوة الإمام في التراويح ونحوها في ترجمة معاني القرآن، كما يجوز عند الحاجة المتابعة من خلال المصاحف الإلكترونية عبر الأجهزة المحمولة
يجوز إلقاء خطبة الجمعة بغير العربية على أن يضمنها من الآيات و الأحاديث و الدعاء ما يكون بالعربية، و يراعى في هذا حال جماعة المسجد و مدى فهمهم للغة العربية
من ترك الطهارة الواجبة، أو كان يفعل ما يبطل طهارته جهلا يعذر به مثله، وصلى على ذلك مدة طويلة لم تجب عليه الإعادة، لما تمهد من عفو الله عن المخطئ والناسي
نوازل أسرية واجتماعية
العفاف شرط في الزواج بالكتابية أو المسلمة، فيجب للزواج بالزانية زوال هذه الصفة عنها بالتوبة؛ فإن وقع الزواج بها قبل التوبة أمضي اعتبارا لقول من صحح الزواج بها بغير توبة.
إن كانت الزانية حبلى من الزنا فيشرع لمن أحبلها أن يتزوج بها عند جمهور أهل العلم، تحقيقا لمقصود الشارع من الستر، وترغيبا لكليهما في التوبة.
لا يشرع نكاح الحبلى من الزنا بغير من أحبلها إلا بعد فراغ رحمها، وفقا للصحيح من أقوال أهل العلم، حتى لا يسقي ماءه زرع غيره، فإن تزوجها فينبغي في الصحيح أن يفترقا حتى تضع حملها، ثم يجدد العقد إن رغبا في استئناف الزوجية، فإن قلد من أفتاه بخلاف ذلك أقر على حاله وحسابه على الله.
للمفتى في هذه النازلة أن يقلد قول الأحناف أو الشافعية إن قدر أن المفسدة في الفتوى بخلافه أعظم، وقد تنعكس على أصل الدين نفسه بالفتنة ( الشافعية على صحة العقد والوطء، والحنفية على صحة العقد وحرمة الوطء)
لا سبيل لمن تزوج بحبلى من الزنا من غيره إلى استلحاق هذا الولد إجماعا لانها حبلى به قبل أن يتزوجها.
من أسلم ولديه زوجة كتابية جاز له استبقاؤها لجواز عقده عليها ابتداء، فجواز استدامته من باب أولى، وينبغي له أن يحسن عشرتها رجاء أن يكرمها الله بالإسلام على يديه
لا يصح التزاوج بين المسلمين والغلاة من أهل البدع الذين تبلغ بهم بدعتهم مبلغ الكفر والخروج من الملة، أما من لم تبلغ بهم بدعتهم هذا المبلغ ففي باب الصحة والفساد يصح الزواج منهم، فكل من ثبت له عقد الإسلام صح نكاحه بشروطه، ولكن يبقى النظر في ملاءمة ذلك! وينصح في الجملة بالزواج من أهل السنة.
لا يشرع تزويج المسلمة بمن يظن إسلامه حتى يسلم فعلا، ويشفع القول بالعمل، وإن تسنى التمهل حتى يطمئن قلبه بالإيمان كان ذلك حسنا، ما لم يفض ذلك إلى مفسدة أعظم
ينبغي لمن يجري عقد الزواج للمسلمات الجدد تنبيههن إلى أحكام المهر، والاجتهاد في تحصيل مهر المثل بالنسبة لهن ما استطاع، إلا إذا طابت نفوسهن بما دونه.
إذا أسلمت المرأة وبقي زوجها على غير الإسلام، فلا تحل لها معاشرته، ويبقى الزواج موقوفا في مدة العدة، فإن اسلم فهما على نكاحهما، وإن بقي على حاله كان له لها الخيار بين التقدم لطلب الفسخ، أو الترقب حتى يشرح الله صدره للإسلام فترجع إليه.
يقر المسلمون الجدد على ما كان من أنكحتهم قبل الإسلام، وإن كانت فاسدة ، إن كانت المرأة مما يجوز نكاحها في الحال، ولا ينظر إلى صفة عقدهم وكيفيته، ولا يعتبر له شروط أنكحة المسلمين من الولي والشهود، وصيغة الإيجاب والقبول ونحوه، ويلحق بها النسب والنفقة.
اتحاد الدين شرط في التوارث ، فلا يتوارث أهل ملتين شتى، وعند الاستحقاق القانوني لميراث ذوي القربى من غير المسلمين، فإنه يوجه إلى المصارف العامة، ويستبقى لهم منه قدر حاجتهم، وللمفتى في هذه النازلة أن يقلد قول من أجاز ميراث المسلم من غير المسلم إن قدر أن المفسدة في الفتوى بخلافه أعظم”
تجوز الوصية لغير المسلم إيصاءً وقبولا، لأن الكفر لا ينافي أهلية التمليك والتملك، لا سيما إذا كانت على وجه الصّلة لقرابة ونحوها، ولأن الأمر في باب الوصية أوسع منه في باب الميراث، ولا حرج في أن يوصى لجهة عامة ينتفع بها المسلمون وغير المسلمين.
ينبغي أن يوصي المسلم بتقسيم تركته على وفاق الشرع، حتى لا تزاحمه قوانين أخرى عند عدم النص على ذلك، فإن لم يكن له ورثة شرعيون أوصى بها للمصارف العامة
لا حرج على كل من الزوجين في الخلطة مع أولاد زوجه من غيره، لثبوت المحرمية، ولكن يبقى الحرج في الخلطة بين الأولاد البالغين من الجانبين، ومن الحلول الرضاعة في الحولين ، وقد يتوسع في التحريم بالرضاعة خارجهما قبل استقلال الطفل بشئونه، للحاجة الضرورية للخلطة في هذه الحالة ، ومن الحلول كذلك نقل أحدهما للعيش مع الوالد الآخر، أو غيره من الأقارب كجدة أو خالة ما لم يعارض ذلك بمفسدة راجحة، أو الانتقال إلى بيت أوسع يستقل فيه بعض هؤلاء عن بعض، أو جعل أحدهما في مدرسة داخلية مأمونة.
إن تعذرت الحلول السابقة، تعين لزوم الحجاب، وستر العورات والغض من البصر، ومنع الخلوة، وتعويدهم على مراعاة الأدب، وغير ذلك من الأحكام اللازمة للبالغين.
لا حرج في كون البالغين من الجنسين في نفس الحجرة، مع عدم الخلوة، ولا حرج كذلك في الاجتماع على الطعام، عند إعداده وتقديمه والمؤاكلة، فإن في المنع من الاجتماع على الطعام من المشقة ما فيه، سيما مع ضيق البيوت والأوقات.
لا حرج في الخلطة بين الأطفال المميزين مع الحرص على التأديب والمراقبة، ومرد الأمر في الخلطة بين المميزين والبالغين من الجنسين إلى تقدير الوالدين لحالهما، والأصل عدم وجوب احتجاب البالغة أمام المميز الذي لم يبلغ الحلم
المحرمية لا تتاثر باختلاف الدين في الصحيح، فإذا اختلف دين الأولاد، فغير المسلم المأمون محرم لقرابته المسلمة في قول أكثر العلماء، وذلك في السفر والخلوة والنظر جميعًا.
العرف محكم، وهو ما اعتَادَه أغلب الناس أو طائفة منهم، وساروا عليه، من قول أو فعل أو ترك، ويشترط لاعتباره أن يكون مطردا أو غالبا، وأن لا يُخالِف حكما شرعيا، وأن يكون العُرْف المتعلِّق بالتصرُّف موجودًا عند إنشائه.
العُرْف غير الإجماع لأنه غير ثابت؛ ولا يُشتَرط فيه اتِّفاق كلِّ الناس عليه؛ ولا توفُّر مَرتَبَة الاجتِهاد الشرعي لأهله، وكلُّ هذا بخلاف الإجماع.
العرف العام في أمريكا معتبر ما لم يخالف الشرع، ومن ذلك استئناس المحكم المسلم بما تقرره المحاكم من مقدار النفقة في الحضانة، وكذلك ما تعارف الناس عليه في صفة اللباس مالم تتضمن تشبها بخصوصية دينية لغير المسلمين.
اللباس و الحجاب الشرعي إذا كان موافقا للشروط الشرعية يترك تفاصيل هيئته للعرف كمثل ما يتعلق بلونه، وكونه تشبها بالجنس الآخر أم لا.
الأصل في الأقراط والغالب عليها انها زينة نسائية، فيترجح القول بمنعها على الرجال.
الأصل في باب الأسماء هو الحل، ولا يلزم تغيير الاسم إلا إذا كان متضمناً لمعنى غير شرعي أو معنى فاسد أو قبيح، والتغيير إنما يتعلق فقط بالاسم الأول، وليس اسم العائلة، إلا إن كان اسمه الأخير ليس اسم عائلته أصلا أو كان مجهول النسب، ويترفق بالمسلم الجديد في إخباره بذلك.
الوشم هو الحبر تحت الجلد، فهو تغييرٌ للون الجلد، بغرز إبرة فيه حتى يسيل الدم، ثم يُحشى ذلك المكان بكحل أو غيره ليكتسب الجلد لوناً غير الذي خلقه الله تعالى لصاحبه. و هو محرم باتفاق العلماء لما ورد فَيه من النصوص الصحيحة الصريحة، فإن تيسرت إزالته بغير مضرة أزيل، لا سيما إذا كان مشتملا على علامة كفرية، ويترفق بالمسلم الجديد في تكليفه بذلك.
الأصل عدم اقتناء الكلاب إلا لحاجة، كالصيد أو الحراسة، وما حمل عليهما وألحق بهما بالاجتهاد
نوازل مالية
المال الحلال هو ما أباحه الشرع مما خلقه الله تعالى، أو كسبه الإنسان من طريق مشروع، والمال الحرام هو ما منعه الشرع إما لذاته، وإما بسبب كسبه، والمال المختلط هو ما اجتمع فيه الحلال والحرام.
المال المحرَّم لكسبه قد يكون مأخوذاً برضا مالكه أو دون رضاه، وقد يكون مكتسبه عالماً بالتحريم، أو جاهلاً ، أو متأولاً، ولكلِّ صورة حكمها.
أولاً : من اكتسب مالاً محرماً لذاته، وهو كل عين تعلَّق التحريم بذاتها كالخمر، والأصنام، والخنزير يجب على المسلم عامة والمسلم الجديد إتلافه، ولا يجوز له الانتفاع به، إلا فيما اذن فيه الشرع من ذلك، كالانتفاع بجلد الخنزير بعد دباغه عند القائلين بذلك، أو الانتفاع بأنقاض الاصنام ومادتها بعد هدمها ونحوه، ومحل هذا في التخلص مما عنده سلفا من مال حرام، وليس رخصة في أن يستأنف الاستثمار في هذه الأعيان المحرمة ولو على على هذا الوجه المأذون فيه.
ثانياً : من أخذ مال غيره بغير وجه حق دون رضاه وإذنه، كالمال المسروق، والمغصوب، والمختلس من المال العام، يلزم رده إليه، أو إلى ورثته من بعده، ولا تبرأ الذمة إلا بذلك، وإذا تعذر الوصول إليه أقر في يد المسلمين الجدد، ويتخلص منه غيرهم بتوجيهه إلى المصارف العامة، ويستبقى لهم منه قدر حاجتهم.
ثالثا : من اكتسب مالاً حراماً مع علمه بالتحريم، وقبضه بإذن مالكه ورضاه، كالمقبوض بالعقود الفاسدة ، وأجرة الوظائف المحرمة، أو ربح المتاجرة بالمحرمات، أو أجرة الخدمات المحرمة كشهادة الزور وكتابة الربا أو اكتسبه عن طريق القمار والميسر واليانصيب والكهانة ، ونحو ذلك … الخ فلا يلزم رده إلى مالكه، لكيلا يجمع له بين العوض والمعوض، ولا يلزم التخلص منه بالنسبة للمسلمين الجدد، بل يقر في ايديهم بالتوبة، لأن الإسلام يجب ما قبله، ويتخلص منه غيرهم بتوجيهه إلى المصارف العامة، ويستبقى لهم منه بقدر حاجتهم .
رابعا: من ابتلي في حياته بالشراكة المحرمة ففيه تفصيل، فإن كانت الشركة في مال حرام لذاته، فيجب إبطال الشركة والتخلص من المال الحرام بإتلافه، ولا يجوز له الانتفاع به، إلا فيما اذن فيه الشرع من ذلك، وإن كان محل الشركة وموضوعها حراماً بالاكتساب أقر المسلمون الجدد على ما كسبوه منها، ويتعين عليهم نقض الشركة أو الخروج منها.
خامسا: إذا وجب التخلّص من المال الحرام فيُشرع وضعُه في وجوه الخير والمصالح العامّة للمسلمين، ويشمل ذلك بناء المساجد ودفع مصروفاتها، لأنّ اختلاف الأسباب كاختلاف الأعيان، والحرام لا يتعدى إلى ذمّتين.
الذّمّة المالية للشّخص عبارةٌ عن الحقوق الماليّة والالتزامات الماليّة، وما تعلق بالذّمّة المالية منه ما هو مباحٌ ومنه ما هو محرّمٌ ومنه ما هو مختلطٌ.
من كانت له على غيره حقوقٌ ماليّةٌ محرّمةٌ ترتبت قبل إسلامه ثمّ استوفاها بعده تخلص منها إن قوي على ذلك، وإلا أقرت في يده، نظرا لانعقاد سبب استحقاقها قبل إسلامه، والإسلام يجُبّ ما قبله.
من كانت عليه التزاماتٌ ماليّةٌ محرّمةٌ كالالتزام بدفع فوائد ربويّةٍ فينبغي له أن يسعى للتخلص من دفعها بأيّ وسيلةٍ مشروعةٍ، فإن لم يتمكّن دفعها بسبب الاضطرار والالتزام السابق.
إذا كان الالتزام تقديم خدمةٍ مُحرّمةٍ فإنّه يسعى لإلغاء الالتزام، ويُعيد ما أخَذَهُ، حتّى لو دفع تعويضٍاً بسبب فسخ الالتزام
وفي الالتزامات المختلطةً يوفّى الحلال، ويجتهد في الامتناع عن الحرام، والتخلص منه ما استطاع.
خامسا: يجب على المسلم الجديد ترك العمل المحرّم ما أمكن، والبحث عن بديل مشروع، فإن لم يجد وكان مضطراً بقي في عمله مؤقتا، ويجتهد في تجنب مباشرة الحرام أو تقليله ما أمكن (كتقديم الخمر في المطاعم مثلاً) ويستصحب نية التحول عن هذا العمل عند أول القدرة على ذلك.
زكاة المال الحرام
لا تجب الزكاة في المال الحرام لذاته كالخمر والحنزير ونحوه، ولا تبرأ الذّمّة إلا بالتّخلّص منه كُلّه، أما الحرام لغيره كالمسروقات وما أخذ أجرا على عمل محرم، فتجب الزّكاة فيه متى ما حلّ بالإسلام أو التوبة، وأما المال المختلط، فما فيه من حرامٍ لذاته يُخرجُ كلّه، وما فيه من حرامٍ لغيره فتجب الزكاة فيه متى ما حلّ بالإسلام أو التوبة.
حكم من لم يخرج زكاته جهلا بوجوبها
من لم يخرج زكاته جهلا بوجوبها سقط عنه الإثم، ولا يلزمه أداؤها إن كان جهله مما يعذر بمثله، لان حكم الخطاب لا يثبت في حق المكلف إلا إذا بلغه، فإن كان لا يعذر بمثله لتمكنه من العلم وتهاونه في طلبه سقط عنه الإثم بالتوبة، ولا تسقط عنه الزكاة، لتعلقها بحقوق الفقراء والمساكين، ودين الله أحق أن يقضى.
إعطاء المسلمين الجدد من أموال الزكاة للتأليف
يشرع إعطاء المسلمين الجدد من أموال الزكاة للتأليف عند الحاجة إلى ذلك، تطييبا لخاطرهم، وتعويضا لهم عما لحقهم بسبب إسلامهم من تضييق ومجافاة، سواء أكانوا أغنياء أم كانوا فقراء، والقول ببقاء هذا المصرف وعدم نسخه هو القول الصحيح الذي لا معدل عنه، وهم في باقي المصارف كغيرهم من المسلمين الأصليين.