توصيات مؤتمر الأئمة السادس عشر
نوازل مالية ( شراء العقارات وحسابات التقاعد)
Recommendations of the 16th Annual Imams’ Conference on Contemporary Financial Issues
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فلقد عقد مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في مدينة هيوستن بولاية تاكسس بالولايات المتحدة الأمريكية مؤتمره السنوي السادس عشر بعنوان (نوازل مالية شراء العقارات وحسابات التقاعد) وذلك في الفترة 24 – 26 جمادى الاخرة 1440هـ الموافق 1-3 مارس 2019 م؛ وقد حضرها ما يزيد على أربعمئة إمام من مختلف أنحاء الولايات المتحدة. وبعد جلسات متواصلة صباحا ومساء وعلى مدى ثلاثة أيام على التوالي خلص المؤتمر إلى النتائج والتوصيات التالية. و ننبه إلى أن هذه التوصيات ليست قرارا مجمعيا بعد، و لكن ستعرض على أعضاء المجمع في مؤتمره العام لإقرارها أو إجراء تعديلات عليها بحسب موقف الأغلبية المعمول بها في أنظمة المجمع و ونسأل الله التوفيق.
نوازل العقارات
محدودية الدخل لا تنشئ وحدها ضرورة تسوغ الاقتراض الربوي
1. الاقتراض بالرّبا محرّم لذاته تحريم مقاصد ، فقليل الربا وكثيره حرام، ولا فرق في أصل التحريم بين الربا اليسير والربا الفاحش، ولا بين القرض الاستهلاكي، أو القرض الإنتاجي، فلا تنشئ محدودية الدخل ولا استحقاق مساعدات حكومية في صورة هبات غير مستردة، ولا تخفيض في سعر الفائدة ضرورةً بالمفهوم الشرعيّ، ولا يعد ذلك عذرا كافيا بذاته للترخص في الدخول في عقد القرض الربوي، وحرمة الربا لا تتغير بتغير الأماكن، فلا يرخص فيه إلا عند تحقّق الضرورة في شخصٍ بعينه.
2. مشروعية الاستفادة من القروض الربوية منوطة بالضرورة، فهي رخصة لكلّ من تنطبق عليه الضّرورة بمفهومها الشّرعيّ، بأن يتعذر عليه الاستئجار ماليّاً لعدم وجود من يؤجره لكثرة أولاده، مع عدم وجود البديل المشروع لشراء بيت عن طريق تمويل إسلامي، وعلى من ظنّ أنّه مضطرٌ للاقتراض بالرّبا أن يستفتي من يثق بعلمه وديانته أولاً لتقدير ضرورته.
شراء العقارات من البنوك مباشرةً(foreclosure)
3. شراء العقارات من البنوك المالكة لتلك العقارات مباشرةً بعد إخفاق المقترضين السابقين في الوفاء بالتزاماتهم موضع اجتهاد، ، لأن التعامل مع هذه البنوك في هذه الحالة لا يتمّ إلا بإمضاء عقدين مجتمعين : عقد بيع وعقد وقرض ربويّ، وقد عُرضتْ هذه النازلة سابقاً على لجنة الفتوى بالمجمع وتباينت فيها الآراء: فمنهم من رجح صوريّة عقد القرض الربويّ وأن المعاملة ما هي إلا بيع بالتقسيط فقال بالإباحة، ومنهم من لم ير صوريته فقال بالتحريم، ومنهم من توقف ومع احتمال الصورية يعسر الجزم بالتحريم، فتكون في موضع الاشتباه، وقد تكون خيارا من الخيارات التي يلجأ إليها عندما تتعقد السبل وتنعدم البدائل المشروعة.
شراء العقارات من شركات بناء العقارات التي تملك شركات الإقراض
4. شراء العقارات من شركات بناء العقارات التي تملك شركات إقراض تابعة ٍ لها موضع اجتهاد، لأن التعامل مع هذه الشركات – كما هو الأمر في الحالة السابقة – يشتمل على عقدين : بيع وقرض ربوي. لكن ينبغي التحقق أولاً من تملك شركات العقارات لشركات الإقراض تملّكاً تامّاً، فإن كان الأمر كذلك، جرى على هذه المعاملة الخلاف السّابق في مسألة الفوركلوجر ، وسبب هذا الاحتراز أنّ شركات البناء لا يُسمحُ لها في كثير من الولايات أن تتملّك شركة التمويل ملكيّة تامةً لتضارب المصالح، إذ تُقوّمُ العقار وتُقدّم القرض في آن واحد. و إذا ثبت أن شركة بناء العقارات لا تمتلك شركة الإقراض مُلكيّة تامّة فالمعاملة على أصل التحريم لاشتمالها على الرّبا الصريح.
شراء البيت المرهون (بسبب الاقتراض بالربا) من المالك مباشرةً
5. لا حرج في شراء البيت المرهون (بسبب الاقتراض بالربا) من المالك مباشرةً إذا اكتفى المشتري بنقل ملكيّة العقار لنفسه فقط، ولم يشترِ القرض من البنك، لأنّ البنك المُقرض يسمح للعميل الجديد أن يشتري العقار من المالك السابق، ثمّ بعد عامين يحِقُّ له أن يشتري القرض من البنك فيُصبح هو المدين، ويحل في القرض والمديونية محل المالك السابق، والأولى شراء للعقار، والثانية اقتراضٌ بالربا
شراء العقارات التجارية التي أجر بعضها سلفا لمن يستخدمها في نشاط محرم
6. يرخص في شراء العقارات التجارية وإن كان بعضها مؤجرا سلفا لمن يستخدمها في نشاط محرم إذا لم يستطع إنهاء هذه العقود، ولا حرج في تمول أجرتها جميعا، على ألا يجدد لهم هذه العقود بعد انتهائها، وأولى له أن يولي البائع استيفاء الأجرة من هؤلاء المستأجرين- إن استطاع – ويطلب منه تخفيضا في القيمة مقابل عدم تموله لهذه الأجرة التي لا يتدين بحل مصدرها.
تأجير العقار لمن يستخدمه في غرض محرم أو مختلط
7. لا يجوز تأجير العقار إلى من يتمحض استخدامه له في غرض محرم كالتجارة في الخمر والميسر أو التبغ، أو مشروعات اللهو المحرم كالأندية الليلية، والمراقص ونحوه، لما تقرر من النهي عن التعاون على الإثم والعدوان.
8. لا يجوز في حال السّعة والاختيار تأجير عقارٍ لمن يمارس عملاً مختلطاً تشوبه بعض المحرمات اليسيرة التابعة كالفنادق، أو بعض المطاعم التي تُقدم فيما تقدم الخمر والخنزير ولا يكون هو الغالب على نشاطها، فإن لم يتيسّر إلا مستأجر يمارس عملاً مختلطاً فلصاحب العقار الترخص بتأجيره له، ويُنصح بالإكثار من الصّدقة تطهيرا للمال ممّا قد يشوبه من المحرّمات أو المُشتبهات
شراء البيوت بطريقة شراء الدّيون غير المدفوعة
9. شراء البيوت بطريقة شراء الدّيون غير المدفوعة معناه أن تبيع شركة الرّهن العقاريّ الدّين الحالّ بأقل من قيمته لمُستثمرٍ أو نحوه، فيقوم ُ بتحصيل هذا الدّين من المقترض الأصلي مالك العقار، أو يطلبُ منه إخلاء العقار ويتملّكه هو، وبيع الدّيون المؤجّلة لطرفٍ ثالثٍ لا يحل لما يتضمنه من الربا والغرر، فهي بيع ديْنٍ بنقدٍ متفاضلاً ونسيئةً، بالإضافة إلى كونه مجهول العاقبة.
شراء العقارات بقيمة الضرائب غير المدفوعة
10. لا حرج في شراء العقارات بقيمة الضرائب غير المدفوعة، ومعناه أن يعجز صاحب البيت عن دفع ضريبة العقارات الحكومية المستحقة عن بيته لمدة معيّنةٍ، فتنذره جهة الضرائب وتصدر له وثيقةً قانونيةً بقيمة الضرائب المستحقّة والمصاريف الإداريّة اللازمة وتطرحها في المزاد العلنيّ، ليباع العقار بقيمة هذه المستحقات قلت أو كثرت، فيكون المشتري لها مُشترٍيا للعقار شراءً معلّقاً غير ناجز، وتتفاوت مدة التعليق بين سنتين وستة أشهر، بحسب إقامة صاحب العقار في البيت أو عدم إقامته، ولا حرج في تعليق البيع عند بعض أهل العلم، ولا في الإكراه عليه مادام إكراها بحق. لكن إذا دفع صاحب العقار الأصليّ ما عليه من الضرائب والغرامات للمشتري الجديد فله أن يأخذ رأس ماله فقط، أما الغرامات وما زاد عن رأس المال فلا يحلّ له وهو من الرّبا.
شراء العقارات بطريقة (الشراء القصير)
11. شراء العقارات بطريقة (الشراء القصير) معناه أن يتدخّل طرفٌ ثالثٌ بين البنك المُقرض والمُقترض صاحب البيت ليحلّ محلّ المقترض الأصلي في شراء ذلك العقار بثمن ٍ أقلّ من الدّين المتبقي لشركة التمويل، وذلك إذا لم يتمكّن العميل الأصيل من الانتظام في الدفع وخَشِيَ خسران البيت بالكلّية، أو الغُبنِ الفاحِشِ إذا كان الدّين المتبقي عليه أعلى من القيمة السوقيّة للبيت بعد الأزمة وكساد تجارة البيوت. ولا فرق بين طويل الشراء وقصيره، فالشراء القصير ما هو إلا عقد بيعٍ في نهاية المطاف: فحلاله حلال وحرامه حرام: إن اشترى نقداً أو بتمويل إسلامي فمباح، وإن اقترض من البنك بربا فلا يجوز، وإن تواطأ مع المشتري الأول على أن يشتري له البيت سرا على خلاف ما تقضي به القوانين فلا ينبغي له ذلك، رغم غرابة هذا الموقف، فإن هذا القانون ما سن ابتداء إلا لمصلحة المتضررين من هذه الأزمة المالية.
توبة من اشترى بيتا بالربا
12. من اشترى بيتاً بالرّبا وهو عالم بالتحريم فمن تمام توبته أن يسعى إلى إعادة التمويل مع شركة إسلاميةٍ موثوقة، أو أن يجتهد في زيادة الدفعات الشهرية ما استطاع، لأن الزّيادة على الدّفعة الشهرية تسدّد أصل الدّين فيسقطُ ما عليه من الرّبا تبعا، أو أن يبيع البيت ويسدّد أصل الدّين فيسقطُ الرّبا تبعاً إن تيسر له ذلك بغير خسر لا يطيقه، وإن اشتراه عن جهالة بالتحريم أو متأولا مقلدا لمن أفتاه بالحل فلا إثم عليه فيما سلف لـتأوله، ويجتهد ما استطاع في زيادة الدفعات الشهرية أو إعادة التمويل مع شركة إسلامية.
إعادة التّمويل (Refinance)
13. إعادة التّمويل كابتدائه من حيث الحل والحرمة، فما هي إلا تمويلٌ في الجُملة: فإذا كان المسلم قد اشترى بيتاً بالرّبا ثمّ تعاقد مع شركة التمويل الجديدة بعقد تمويل إسلامي مستوف لشروط الصحة بشهادة الثقات من أهل العلم، فالمعاملة مباحة، وإذا تعاقد على إعادة التمويل مع شركة تمويلٍ ربويّةٍ فالمعاملة محرّمةٌ، إلا إذا كانت الغاية تقليل الربا الذي عجز عن تفاديه بالكلية في الوقت الراهن، سواء أكان ذلك مع نفس الممول أم مع غيره، فإن مبنى الشريعة على تعطيل المفاسد أو تقليلها
14. إذا كان قد اشترى البيت بتمويل إسلامي فعند إرادة إعادة تمويله مع هذه الشركة أو شركة إسلامية أخرى
الرهن العقاري العكسي
15. الرهن العقاري العكسي هو رهن عقاري يسمح للمالك باقتراض مبلغ مالي مقابل قيمة منزله، أو مقابل نسبته منه، ثم تقوم جهة التمويل باسترداد القرض عن طريق بيع البيت بعد وفاة المُقترض أو إذا قرّر بيعه لطرفٍ ثالث، والقول فيه هو القول في الرهن العقاري الأول، فهو قرض ربوي لا يحل إلا تحت وطأة الضرورات الملجئة
النوافذ الإسلامية في البنوك الربوية
16. النوافذ الإسلامية في البنوك الربوية إذا استوفت معاملاتها ضوابط المشروعيةً كالمضاربة والمشاركة والمرابحة وغيرها من طرق التمويل فلا حرج في التعامل معها، ولا يقدح في هذه الإباحة كون أموال هذه البنوك جاءت بطريقةٍ غير مشروعة، فقد تعامل النبيّ صلى الله عليه وسلم مع مشركي مكّة ويهود المدينة – بل وأكل من طعام اليهود ولحومهم- مع علمه عليه السلام بتعاملهم بالرّبا وغيره من المحرمات
بيع البيت لمن يشتريه بالربا
17. يجوز لبائع البيت أن يُبرم عقداً مع مشتر ٍحتى مع علمه أن المشتري سيقترض بالربا لدفع ثمن البيت، ما دام متجنبا لملف التمويل، وما يكتنفه من محذور الإعانة على الربا، فلا يشارك في تسهيل عمليات التمويل الربوي سواء بالدلالة على شركاتها أو تجهيز نماذجها ونحوه، ويوليه للمشتري، فإنّ المسلم مسؤولٌ عن فِعله هو لا عن فعل غيره، وكل نفسِ بما كسبت رهينة
إعانة أصحاب التاريخ الائتماني الرديء
18. لا تُوافقُ شركات الرهن العقاريّ عادة على تمويل أصحاب التاريخ الائتمانيّ الرديء أو الذي لا تاريخ له البتّة. فإذا طَلبَ من هذا حالُه ُمن مسلمٍ أن يشتري له بيتاً ويبيعه عليه مستقبلاً فلا بأس، لكن بشرط أن تكون طريقة التمويل مشروعة، وما سوى ذلك فلا يجوز لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان إلا تحت وطأة الضرورات. ولا يخلو هذا المسلك من مشكلات عملية عند التطبيق فينبغي أن ينتبه لذلك
حسابات التقاعد
19. حسابات التقاعد استحقاقات مالية يحصل عليها الموظف أو العامل بسبب الكبر أو الإعاقة عن العمل، أو الاستقالة منه.
استثمار حسابات التقاعد
20. تتراوح أوعية الاستثمار المتاحة لأصحاب حسابات التقاعد الاختيارية بين الإيداعات الربوية في المصارف، أو التجارة في الأسهم، أو السندات.
21.
الاستثمار في السندات الحكومية
22. السندات الحكومية قروض ربوية جلية، فلا يحل لحائزها إلا رأس ماله، وهي ليست خيارا استثماريا للمسلم بحال.
23. إذا تعرض السوق لانهيارات اقتصادية فادحة، وتعينت السندات سبيلا إلى المحافظة على أصل المال كإجراء وقائي احترازي مؤقت ساغ الترخص في ذلك، ويتخلص من كل ما ينتجه هذا الإيداع أو الاستثمار الربوي الطارئ من فوائد بتوجيهها إلى المصارف العامة! وتكون نيته متجهة إلى حفظ المال لا إلى استثماره!
الاستثمار في سوق الأسهم
24. الاستثمار في سوق الأسهم سواء أكانت الشركات محلية أم عالمية، أم كانت نفس الشركة التي يعمل بها، يكون مشروعا بالضوابط الآتية:
a. تجنب الاستثمار في المجالات المحرمة أو المشبوهة، كالبنوك التجارية التي تتعامل بالربا، والسندات الحكومية، وشركات التأمين، والإعلام الهابط، وشركات بيع التبغ والخمور ومصانعها أو محال القمار والأندية الليلية، أو شركات بيع المحرمات من الأغذية أو الأدوية عموما، ونحو ذلك.
b. مراعاة ضوابط المساهمة في الشركات المختلطة عند من يقولون بجواز المشاركة فيها، وهم فريق كبير من المعاصرين، ومنها:
i. كون أصل نشاط الشركة في أغراض مباحة كالأغراض الزراعية والتجارية والصناعية والتقنية ونحو ذلك.
ii. كون نسبة المعاملات المحرمة يسيرة و إلى الحدّ الأدنى الممكن بالنسبة لإجمالي نشاط الشركة، سواء المصروفات أو القروض أو الإيرادات أو الاستثمارات. ومن التقديرات الاجتهادية التي اقترحتها بعض جهات الرقابة الشرعية، ألا تزيد المصروفات المحرمة على 5% من مصروفات الشركة، وبشرط ألا تزيد القروض التي على الشركة بفوائدها على 30% من إجمالي المطلوبات. وألا تزيد الإيرادات المحرمة على 5% من إيرادات الشركة، وبشرط ألا تزيد الاستثمارات ذات الإيرادات المحرمة على 30% منإجمالي الموجودات، وهذه النسب تقريبية اجتهادية، والمحكم أن تكون في أدنى حد ممكن.
iii. تطهير الأرباح التي يتسلمها من الشركة بالتخلص من نسبة الإيرادات اليسيرة المحرمة.
أنواع حسابات التقاعد
25. يمكن في الجملة تقسيم هذه الحسابات إلى قسمين:
a. حسابات إجبارية:
i. تلزم بها النظم والقوانين، وهو ما تقدمه الدول والمؤسسات العامة بها لكفالة العاملين لديها ضد الشيخوخة والعجز والحاجة والبطالة ولا تريد به الاسترباح، بل تغرم من جانبها مثل ما تستقطعه من العامل لديها أو يزيد، فهي أدخل فيما يظهر في باب الكفالة والضمان الاجتماعي، وأقرب إلى ذلك منها إلى باب الاستثمارات التجارية الحرة، ومن أمثلتها: (Pension plan) بقسميها:
1. defined benefit plan
2. defined contribution plan
ii. وما دامت جهة العمل هي التي تباشر الاستثمارات من خلال آلياتها، ولا يد للعامل في ذلك، فلا حرج عليه في الانتفاع بأثره، وما يأتيه منه بعد ذلك، فكما لا يسأل العامل عن مصدر حصول جهة العامل على المال الذي خصص له كراتب لا يسأل كذلك عن مصدر حصولها على ما تقدمه له من امتيازات. ولا يلزم بالتخلص من شيء من ذلك إلا على سبيل التورع والاستحباب.
b. حسابات اختيارية: وهي التي يدخل فيها العامل اختيارا، ولا تلزمه بها القوانين، ولكنها السبيل إلى الحصول على الهبات التي تماثل ما يستقطع من رواتب العاملين أو تزيد، ومن أمثلتها:
i. 401K & 403B)) وفيهما يتم استثمار الأرصدة في حساب وفق اختيار الموظف عادة للمحافظ المالية دون الشركة المستثمرة. ويكونان على الخيار في المشروعات الصغيرة (small business)
ii. IRA و ROTH IRA وهذان النوعان يكونان على الخيار بالنسبة للموظف: إن شاء دخل في هذه الحسابات وإن شاء ضرب عنها الذكر صفحًا.
الخسائر التي تترتب على عدم الاشتراك في الحسابات الاختيارية
26. عدم اشتراك العامل في هذه الحسابات الاختيارية قد يعني خسارة المبلغ الممنوح من الشركة كل شهر، والذي يماثل المبلغ المستقطع من راتبه أو ضعفه. كما يعني زيادة نسبة الضريبة، لأن الجهات الحكومية تخفض نسبة الضرائب على الذين يشتركون في هذه الحسابات. بالإضافة إلى خسارة فرصة الاستثمار في أسهم قد تعطي العامل فرصة تدبير أمور معاشه إذا مسه الكبر! وكذلك تأمين ورثته ومن يعولهم بعد مماته في مجتمع عز فيه الكافل، وتقطعت فيه الأرحام!
حكم المشاركة في الحسابات الاختيارية
27. إذا تعينت المشاركة في هذه الحسابات الاختيارية سبيلا إلى الحصول على الهبات الممنوحة من جهة العمل، وتوقي زيادة نسبة الضريبة، وخسارة فرصة الاستثمار لتدبير الأمور في الكبر فلا بأس بهذه المشاركة لمسيس الحاجة إلى ذلك لتأمين عجز الشيخوخة وقلة الموارد حينئذ. بالإضافة إلى خسارة الملايين من الدولات وربما المليارات على مستوى الجالية المسلمة في مجموعها
28. على المشارك في هذه الحسابات الاختيارية أن يجتهد وسعه في توجيه استثمار هذه الأرصدة إلى الاستثمارات المشروعة في الجملة، وأن يستعين في ذلك بالمؤسسات المالية الاستشارية التي تقدم خدمات إرشادية ولديها القدرة على التمييز بين الطيب منها والخبيث.
29. للعامل الحق فما استقطع منه، وفيما وهب له، وفي عوائد استثماراته التي وجهت إلى استثمارات مشروعة بلا نزاع، ويبقى النظر في عوائد استثمار هذه الأرصدة في استثمارات مختلطة أو محرمة.
30. ينبغي للعامل أن يتخلص مما يقابل ما يعتقد تحريمه وعجز عن توقيه من الاستثمارات غير المشروعة، عند قبضه بعد التقاعد، وذلك بتوجيهه إلى المصارف العامة، ويرجى أن يثاب على ذلك ثواب العفة عن الحرام، وهو نفسه عند الحاجة والفاقة أحد هذه المصارف.
السّحب والاقتراض من حسابات التقاعد
31. الأصل أن الإنسان مسلط على ماله، يسحب منه ما شاء متى شاء كيف شاء، ولا تحتسب عليه بسبب ذلك فوائد ولا غرامات، ولهذا كان الأصل في فرض غرامات أو فوائد على سحب الشخص من أرصدته الادخارية المنع، فكل زيادة مشترطة في القروض ربا جلي بالإجماع، ولكن لما كانت هذه الزيادة سترد إلى صاحب الحساب نفسه، فأصبح الربا صوريا، ففي هذه المعاملة صورة الربا وليست بها حقيقته! فتكون في موضع الرخصة عند الحاجة، وإن كانت خلاف الأصل.
تحويل حساب الأسهم إلى سندات في أوقات الأزمات حماية لأصل المال
32. الأصل في السندات المنع لأنها قروض ربوية جلية، وهذا لم يختلف فيه ولم يختلف عليه، وقد أكدت ذلك قرارات المجامع الفقهية في مختلف المواقع.
33. إن تعرض السوق لانهيارات اقتصادية فادحة وتعينت السندات سبيلا إلى المحافظة على أصل المال كإجراء وقائي احترازي مؤقت كان ذلك في موضع الرخصة، ويتلخص من كل ما ينتجه هذا الإيداع أو الاستثمار الربوي الطارئ من فوائد بتوجيهها إلى المصارف العامة! وتكون نيته متجهة إلى حفظ المال لا إلى استثماره!
زكاة حسابات التقاعد
34. تمام الملك شرط لوجوب الزكاة، ويقصد به القدرة على حيازة الشيء، والانفراد بالتصرف فيه، ومباشرة حقوق الملكية عليه، وهو اتصال شرعي بين الإنسان وبين شيء يكون مطلقا تصرفه فيه، وحاجزا عن تصرف الغير، فما تحقق فيه هذا المعنى من حسابات التقاعد وجبت زكاته بعد استقطاع الضرائب والغرامات، وإلا فلا زكاة فيه حتى يتمكن من قبضه.
35. الأصل أن تحسب الزكاة على أساس السنة الهجرية (الحول القمري) لأنها هي التي جعلها الله مواقيت للناس، وإن تعذر ذلك لأسباب قانونية أو عملية، فتحسب الزكاة على أساس السنة الميلادية مع الأخذ في الحسبان الفروق في عدد الأيام بين التقويمين، ومقدار الزكاة الواجبة بناء على السنة الهجرية ٢,٥ ٪، ومقدارها بناء على السنة الميلادية ٢,٥٧٥٪ وذلك في زكاة النقدين وعروض التجارة، أما إذا كانت الزكاة نصف العشر كما في زكاة الحبوب والثمار التي تسقى بمؤنة فإن المقدار الواجب 5.150 % م فإذا كانت العشر لأنها تسقى بماء السماء فإن الواجب 10.300 % م
36. حسابات التقاعد التي تستثمر في شركات لديها أموال تجب فيها الزكاة كنقود وعروض تجارة وديون مستحقة على المدينين الأملياء ولم يستطع المساهم أن يعرف من حسابات الشركة ما يخصّ أسهمه من الموجودات الزكوية فإنه يجب عليه أن يتحرى، ما أمكنه، ويزكي ما يقابل أصل أسهمه من الموجودات الزكوية. متى تمكن من القبض، وهذا ما لم تكن الشركة في حالة عجز كبير بحيث تستغرق ديونها موجوداتها.
37. أما إذا كانت الشركات ليس لديها أموال تجب فيها الزكاة، فإنه يزكي الريع فقط ولا يزكي أصل السهم.
38. السندات الحكومية قروض ربوية لا يحل لحائزها إلا رأس ماله، ويتخلص من الباقي كله بتوجيهه إلى المصارف العامة، حتى ولو كانت خياره الوحيد لحفظ ماله مؤقتا في أوقات الأزمات، لقوله تعالى (وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون) ومثل ذلك الأسهم التي يكون أصلُ عملها مُحرّما كشركات الخمور والقمار ونحوه
الإعسار والإفلاس
الإعسار
39. الإعسار: وصف عارض يلحق بالشخص يكون معه عاجزاً عن القيام بنفقاته الواجبة أو متعثرا في سداد ديونه. والإعسار قد يكون بِدَيْنٍ أو حق شرعي كالنفقة، بخلاف الإفلاس فلا يكون إلا بِدَيْن، والمعسر يُنظر إلى ميسرة، إذا أثبت إعساره بطرق معتبرة شرعاً، لقوله تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ) [البقرة: 280] أما المفلس فله أحكامه الأخرى من الحجر عليه وتنضيض أمواله لقسمتها بين الغرماء
40. التعثر عن السداد هو إعسار، ولا يعتبر إفلاسا من الناحية الشرعية إذا كانت أصول الشركة تفي بديونها، وللدائن اللجوء إلى القضاء لإصدار حكم التفليس، وللمدين اللجوء إلى القضاء لإلزام الدائنين بالإنظار ( . (Restructuring
الحلول المقترحة لمعالجة الإعسار
41. من الحلول المقترحة لمعالجة الإعسار (تعثر) الشركات والمؤسسات المالية الإسلامية:
a. بذل أصل مالي معين، أو منفعة عين معينة لسداد الدين المستحق.
b. تحويل الديون إلى أسهم (رسملة) عن طريق زيادة رأس مال الشركة المدينة من خلال إصدار أسهم عادية يساهم فيها الدائن بدينه المستحق على الشركة، فيصبح مالكا لحصة في الشركة وموجوداتها بمقدار ما كان له من دين المدينة.
c. اتفاق الشركة أو المؤسسة المدنية مع الدائن على الإنظار حسب ما تراه جهة خبيرة معتمدة بتقدير أوضاع الشركة أو المؤسسة وتحديد شروط الإنظار إن لزم الأمر
الإفلاس
42. الإفلاس زيادة الديون الحالة للمدين عن ممتلكاته، وهو وصف للواقع القائم قبل تدخل القضاء لإعلانه بالتفليس. والتفليس أو إشهار الإفلاس هو الحكم القضائي بإعلان إفلاس المدين.
43. أنواع الإفلاس
a. الإفلاس الحقيقي: ويكون فيمن اشتغل بالتجارة وفق الأصول المهنية المتعارف عليها، ولم يتلبس بغش أو احتيال، ولحقه الإفلاس بأمر ظاهر لا يد له فيه
b. الإفلاس الاحتيالي: ويكون فيمن استعمل ضرباً من ضروب الاحتيال في تجارته، كالإقرار بديون غـير واجبة عليه، أو إخفاء بعض أمواله، أو إخفاء دفاتره أو إتلافها أو غيرها، ونحوه.
c. الإفلاس التقصيري: وهو الذي يكون نتيجة لتقصير جسيم في مباشرة التجارة بتفريط أو تعد، كما لو نشأ عن إسراف أو مجازفة ظاهرة في التجـارة ونحوه
44. يخضع الإفلاس الاحتيالي لما يسمى بجرائم الإفلاس وتعاقب عليه القوانين، وكذلك الإفلاس التقصيري إن ظن بصاحبه التهرب من أداء الحقوق، فقد يُحبس المفلس تعزيراً في حالة الاحتيال أو التدليس، أو حملا له على الوفاء إن ظن به التهرب، و لا يحل التحيل على إسقاط الديون الواجبة، بإعلان الإفلاس ليستفيد مما تقرره القوانين الوضعية من إسقاط الديون المتبقية على المفلس، فإن حقوق العباد لا تبرأ الذمة منها إلا بالأداء أو الإبراء
45. آثار التفليس
a. منع المدين من التصرف في ماله بما يضر بالدائنين، وتعلق حقوق الغرماء بهذا المال
b. جواز منع المفلس من السفر، إذا كان السفر يؤدي إلى ضرر ظاهر بحقوق الدائنين.
c. حلول الديون المؤجلة
d. تنضيض أصول المفلس ببيعها وتوفية الغرماء حقوقهم
e. حق الدائن في اســـترداد عين ماله الذي يجده ضمن أموال المفلس، إذا كان باقيا على حاله، ولم يستوف ثمنه.
f. بقاء حق الدائنين الطبيعيين في استيفاء بقية ديونهم إذا ظهر للمفلس مال جديد، فإن حقوق العباد لا تسقط بالتّقادم ولا تبرأ الذمة منها إلا بالأداء أو الإبراء. فإذا تجدد للمفلس مال، أو ترك المتوفى منهم مالا فإن وفاء ديونه يقدم على تقسيم التركة بين الورثة، وشركات التأمين لا تُعَوّضُ في العادة الدّائنين من الأشخاص الطبيعيين، وإن عوضتهم فباعتبارها وكيلة عنهم بناء على الأقساط التي دفعوها من أموالهم
g. سقوط حقوق الشخصيات الاعتبارية في استيفاء بقية حقوقهم إذا ظهر للمفلس مال جديد محل اجتهاد، نظرا لتعويضهم من شركات التأمين، ومما يضعف القول بسقوطه كون شركات التأمين وكيلا عن الدائن وليست وكيلا عن المدين، فالدائن هو الذي تكفل بالتأمين وتحمل مغارم أقساطه، ويقابله أن ما تقضي به القوانين بمثابة العرف الذي نشأت في ظله هذه التعاقدات، والمعروف عرفا كالمشروط شرطا، فإذا استصحبت عند التعاقد هذه المعاني كان لهذا التأول وجهه، ويبقى الأمر محتملا، وأن الورع والاحتياط لمن تجدد له مال ينبغي له ان يبادر إلى براءة ذمته إن استطاع، ولو بالتخلص من ذلك بتوجيهه إلى المصارف العامة.
46. والمجمع يهيب بكل مسلم ألا يماطل في أداء حقوق الدائنين والمستثمرين، وألا يستدين ما يعرف أنه غير قادر على سداده، أو يأخذ أموال الناس ليغامر بها، فقد وردت النصوص في الترهيب من ذلك، كقوله صلى الله عليه وسلم: “أيما رجل تدين ديناً وهو مجمع ألا يوفيه إياه لقي الله سارقاً”(ابن ماجه).
التأمين على الحياة
اتفاق المجامع الفقهية على حرمة التأمين التجاري على الحياة
47. يؤكد المجمع على ما ذهبت إليه المجامع الفقهية – ومنها مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا – من حُرمة التأمين التجاري على الحياة بكافة صوره، ويُستثنى من ذلك أن يكون عقد التأمين الذي يقدم منحة من جهة العمل، ولم يدخل العامل طرفا أصيلا فيه، كالذي يقدّمه أرباب العمل لموظفيهم، فإن هذا يُعدّ من الحوافز والمكافآت التي يأخذها الموظّف نظير عمله
قصر الترخص في التأمين على الحياة على حالات الضرورات والحاجات التي تنزل منزلتها
48. من أهل العلم المعاصرين من يرى إباحة التأمين التجاري على الحياة، والذي عليه المجمع وغيره من المجامع الفقهية والهيئات العلمية هو قصر الترخص على حالات الضرورات والحاجات التي تنزل منزلتها بعد استفتاء من يوثق في دينه وعلمه من أهل الفتوى لتقدير هذه الضرورات أو تلك الحاجات التي تنزل منزلتها، ومن صور ذلك من مسه الكبر وله ذرية ضعفاء وليس لديه مدخرات ولا نسيج اجتماعي متماسك يعول عليه في رعاية ولده من بعده.
تمول أموال التأمين على الحياة
49. يجوز للورثة تمول أموال التأمين على الحياة، وتتعلق التبعة في ذلك بالمتوفى، لأن ما حرم لكسبه فإن إثمه على كاسبه فقط، ولا تسري حرمته إلى ورثته، ولا إلى من تعامل مع كاسبه بالبيع والشراء أو الإهداء أو الإرث.
مشروعية التأمين التعاوني بجميع صوره
50. يؤكد المجمع على مشروعية التأمين التعاوني بجميع صوره، سواء أكان تأمينا على الأشخاص أم على الأموال أم على المسئولية، وهو ما اتفقت عليه جميع المرجعيات الفقهية المعاصرة
أيلولة أموال التأمين التعاوني على الحياة
51. الأصل فيما استحقه المتوفى من مدفوعات التأمين التعاوني أنه يكون حقا لمن نصت على استحقاقه أنظمة هذا التأمين ولو كان ذلك مخالفا لقسمة الميراث الشرعية، لأنه لا يعتبر من تركة المتوفى، وإنما هو تبرع مشروط من المشاركين في أنظمة التأمين يستحقه المنصوص على استحقاقهم في وثيقة التأمين.
أيلولة أموال التأمين التجاري على الحياة
52. الأصل فيما استحقه المتوفى قبل موته من مدفوعات التأمين التجاري ولم يقبضه أنه حق لورثته يقسم بينهم حسب قسمة الميراث الشرعية، ومثله ما استحقه المستفيدون من التأمين التجاري على الحياة بسبب موت المؤمن عليه من مدفوعات التأمين إلا إذا نص عقد التأمين أو أنظمة المعاشات والتقاعد على خلاف ذلك، ويجب على من تسلمها إعادة تقسيمها على وفاق قواعد الإرث الشرعي
التعويض عن الاضرار
مشروعية رفع دعوى قضائية لرد الاعتبار وكف الأذى
53. إلحاق الضرر بالآخرين محرم شرعا، وكذلك مقابلة الضرر بضرر آخر. وهذا يشمل الضرر المادي والجسدي بجميع أشكاله، كما يشمل الضرر المعنوي من السب والقذف والتشكيك بالأمانة، والشكوى الكيدية أمام القضاء، والسخرية وبخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لما يسببه من آلام نفسية وإساءة لسمعة المعتدى عليه بغير حق.
54. يجوز شرعاً رفع دعوى قضائية لرد الاعتبار وكف أذى المعتدي فرداً كان أو جماعة. وذلك عند توفر الشروط الشرعية والقانونية لرفع الدعوى.
لا حرج في الحصول على التعويض عن الضري المادي والمعنوي
55. لا حرج في حصول المتضرر ماديا كان الضرر أو معنويا على التعويض المالي من خلال التقاضي استناداً للأدلة الشرعية القاضية برفع الضرر، ولاستقراره عرفا في واقعنا المعاصر، وينبغي ألا يزيد مبلغ التعويض عما هو متعارف عليه بناءً على القاعدة الفقهية الكلية: (العادة محكمة) وأن يستشار أهل الخبرة كالمحامي المسلم، والمنظمات الإسلامية المعنية بهذا الأمر في أمريكا.
تجنب المبالغة في تقدير التعويضات
56. على المتضرر أن يتقي الله فلا يبالغ في تقدير التعويض المالي طلباً للمنفعة أو انتقاماً ممن ألحق به ضرراً معنوياً، لا حرج في قبول التعويض وإن زاد عن مقدار الضرر الفعلي حسبب تقديره طالما كان هذا هو تقدير جهة التأمين للضرر وما يستحقه مقابله، لان معايير تقدير الضرر مسألة اجتهادية تختلف فيها التقديرات، ويشرع لأهل الورع التخلص من الزيادة بتوجيهها إلى المصارف العامة.